علي الخزيم
أصبحت فكرة البدء بعمرة احتساباً للأجر من الغفور الرحيم أمراً مشوقاً وميسراً، لما يحيطها من الطمأنينة والراحة واكتمال الخدمات الرئيسة، كما أن الخدمات الكمالية متوافرة وبمستويات راقية بما فيها ما يقدمه القطاع الخاص من خدمات فندقية ومطاعم تناسب كل الأذواق والمستويات، وأسواق زاخرة بأصناف البضائع والهدايا مما يشجع من لديه فرصة للزيارة والعمرة بالحرمين الشريفين بألا يتردد بتنفيذها واكتساب ما وعد من الله سبحانه مقابل ذلك.
ما يخص الخدمات بالحرمين والمقدسات شيء واضح ولا يخفى على القاصي والداني من بقاع المعمورة؛ ذلكم أن حكومة المملكة العربية السعودية منذ عهد الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن إلى عهد ملك الحزم والعزم سلمان بن عبد العزيز لا توفر أي جهد من شأنه الرقي بخدمات الحجاج والزوار والمعتمرين، وتوسعة الحرمين الشريفين والعناية بكافة المقدسات، ولو أن متابعاً استقصى الأرقام والجهود المرصودة لأصيب بالدهشة إعجاباً بما تم ويتم في هذا الشأن من أعمال جليلة، كنت وزميلاً إعلامياً إفريقياً خارج المملكة نشاهد تقريراً عن مشروعات العناية بالحرمين الشريفين وتوسعتهما، فلاحظت بعد دقائق أنني أحدثه فلا يجيب، وتمعّنت وإذا به قد سرح بأفكار بعيدة، أشرت إليه: ما بك؟! قال: سرحت بتخيلات لو كان الحَرَمان عندنا ببلادنا؛ كيف كنا سنصنع؟!
مشاهد سجلتها بذاكرتي منذ أيام مضت من هناك، أقولها على عجل: ففي الحرم المكي اعترضني أكثر من شخص مُحْرِم يدَّعي أن نقوده فقدت أو سرقت، وان والدته في الخارج تئن من المرض وأنه يحتاج لمساعدة عاجلة (وأني) ذو سيما خير ولا بد أن أساعده، وأغلبهم يطلب مني التوجه لمشاهدة المريض المزعوم خارج الحرم، لاحظوا أنهم يقولون قد سرقت نقودنا وأغراضنا ويتسولون بالحرم! فهذا تشويه لجهود إدارة الحرمين الشريفين وقبلها حكومة المملكة، وكان أحد المُنَظِّمين بصحن الكعبة يشاهد ويسمع أحد المتسولين يتحدث معي بهذا الشأن، فسألته عن مدى صدقهم؟ فأجاب: (هنا في الحرم تجتمع كل الأجناس وكل النوايا وعليك القياس)! جواب غير مقنع، قلت له: ألا تنقلون هذا إلى من بيده الأمر؟ قال: الله المستعان!
وبمناسبة المنظمين بالحرم، فبودي أن أشير إلى اجتهادات بعضهم وتناقضهم في تحديد المواقع وتسيير الجموع، فحين يشير أحدهم بأن تصطف النساء هنا، يأتي آخر بعد خمس دقائق ويأمرهن بالانتقال لمكان آخر ربما غير بعيد، لكن فيه إرباك وخلط لا سيما إذا علمنا أن الكثير من المصلين لا يعرفون لغة المتحدث ولا الغرض من هذا الإجراء الجديد، كما أنبِّه إلى أن من الُمَنظِّمين من قد يرفع صوته بالأوامر وكأنه يزجرهم، ما لا يليق بالمكان والحالة الروحانية، وهذا ما يمكن قراءته من تعابير وجه المتلقي المقصود داخل الحرم.
ومن الملاحظات أن بعض من يدفعون عربات الطائفين والساعين تجب متابعتهم، وأدعو لمزيد من تدقيق الإجراءات حين السماح لهم بمزاولة المهنة، فمنهم من لا يصلح لها لسبب قد لا يكون ظاهراً للمسؤولين عنهم، (وكل الملاحظات لا تقلل من الجهود المباركة).