محمد المنيف
دار حوار بيني وبين أحد الأصدقاء التشكيليين في إحدى المناسبات التي جمعت أسماء تشكيلية عالية القيمة والمقام في الدول العربية، ومنهم هذا الصديق بما له من مكانته ودوره البارز والمؤثر بتجربته التشكيلية والأدبية أيضًا. كان الحوار حول المشاكل التي يواجهها الفن العربي، وإمكانية وضع حلول تقرِّب الفنانين، وتجمعهم في مناسبات تدعم الفن والفنانين، وتلم شملهم؛ لنخرج بهذا التآلف والتقارب بما يجمع قواسم هذا الفن المشتركة التي منها الروح التي تمثلها الهوية الواحدة، وقوامها اللغة والقيم والتقاليد. هذا الحديث فتح جروحًا غائرة، تمثلها المشاكل والسلبيات التي أصبحت أكثر من الإيجابيات، بدءًا بالعلاقات بين الفنانين في كل دولة عربية، وصولاً إلى صعوبة التواصل مع الفنانين العرب بين دولة وأخرى. ومن المؤسف أن نصل في هذا الحديث إلى أبرز المشاكل المشتركة التي وصفها صديقي بالفيروس الذي انتشر بين التشكيليين متجاوزًا الحدود الجغرافية، فأصبح آفة لا قدرة لأي من البرامج المضادة أو سبل العلاج الطبي على إيقافه.. ذلك هو الفيروس البشري الذي يقوم به نوعية من التشكيليين الساعين لتشتيت الجهود، والتفرقة بين المجاميع، والسعي لتشكيل خلايا وشلل، همها إحباط الآخرين.
ومن المؤسف أيضًا أن يطرح هذا الصديق تساؤلاً عما يحدث في محيطنا المحلي السعودي من مشاكل، مستشهدًا بنماذج لأسماء أفراد يسيطرون على مجاميع (قروبات)، تبث هذا المرض لأعضاء المجموعة، ويمتد نشاطهم المخجل إلى قروبات أخرى.. قال إن لديه الكثير من نسخ ما يدور فيها، مستغربًا أن يكون هذا الفعل قد وصل إلينا في بلد ينعم بالخيرات، ويجد فيه الفن التشكيلي الدعم من كل جانب.. معللاً ما يحدث في محيط بلده من منافسات ومشاحنات بالظروف المادية والاقتصادية التي أصبحت جزءًا من معاناته الحياتية.
لم أجد ردًّا أو تبريرًا لهذه السمعة السيئة عن حالة الفن التشكيلي لدينا مقابل ما لديه من حجج وأدلة.. إلا أني قلت إن هؤلاء هم أقل التشكيليين حرصًا على إبداعهم، ولديهم الوقت الكبير لممارسة هذا الفعل تاركين مجالهم ومتفرغين للإساءة إليه.
قريبًا سيكون هذا المبدع ضيفًا على الصفحة بعيدًا عن تلك الفيروسات.