في معرض مختلف في مستوى الإبداع وحجم الخبرة التي يمتلكها صاحب المعرض وقيمة ما تتضمنه اللوحات فنًا وموضوعًا قدم الفنان طه صبان معرضًا لم فيه شمل أكثر من ثلاثين لوحة في جاليري نسما أرت في جدة تكشف ما تملكه هذه القامة التشكيلية من حيوية لا تتوقف وعلاقة أزلية لا يمكن أن تتوقف بينه وبين فرشاته وألوانه ومصادر المهمة التي يراها في كل حالة من حالات التجلي من خلال مراجعته لمختزله البصري الكبير الذي يعد كنزًا يفتقده الجيل الجديد الذي لا يرى سوى الشكل دون روح للواقع التراثي الثابت والمتحرك من الحياة الاجتماعية في المنطقة الغربية عامة وفي مدينة جدة بشكل خاص التي لا يمكن أن يتجاهل أي مشاهد لأعمال طه صبان إنها عشقه الأول والأخير. إن في حضور مثل هذا المعرض لمثل هذا الفنان الرائد صاحب السيرة الطويلة في الفن التشكيلي إبداعًا وإدارة ومساهمات يعد مكسبًا وخطوة مهمة يجب أن نراها من أمثاله أصحاب الأساليب المتميزة بعد أن رحل رفاق دربه السليم والرضوي وغاب الكثير من المعاصرين من التشكيليين المخضرمين عن إقامة المعارض، فمثل هذا المعرض يعد فرصة لإعادة التوازن للساحة في هذه المرحلة التي يعيش فيها الفن التشكيلي حالة من التذبذب والاندفاع من فئات هما التسويق أو الشهرة.
وليس لنا أن نتحدث في حضرة الفنان العربي العالمي الشهرة عمر النجدي الذي قال عن الفنان طه صبان: إن ما نراه في فنّ الفنان طه الصبان، هو مزيجٌ بين الماضي والحاضر. ذلك أن فنّه جدير بالتأمّل الموضوعيّ والاستيعابيّ لكلّ من ماضيه وحاضره، حيث يحصد إيجابياته ليطرحها رؤى مستقبلية من خلال أعماله للبيئة الشعبية والساحلية، ليرصده من تراثه قطر عصرية. ويضيف النجدي وهو الفنانُ الذي يعرفُ موقعه بين أقران جيله، وقد استطاع بقدرات مخزونه الإِنسانيّ، وطبيعته الشاعرية، حينما امتزجت أمواج البحر بألوانه الزهرية القزحية، التي أسمعت حينما امتزجت أصواتها زفير الزمن. داعية إلى مجهول التأمّل البشري حين تشهق أطواره لغة خطابه التشكيل، ومفرداته، وألوانه في مضاهاة تراث أجداده شعرًا، أدبًا وفنونًا شعبية، داعية إلى كشف أصيل، مجهول، غائب عنا، تلك الخيوط التي تبنّاها طه الصبان، وغيره من الذين أمسكوا بأصالة تاريخ بلادهم. بعبقرية الكلمة، وصياغتها شكلاً ومضمونًا، كشف طه عن دواعيه الابتكارية التي استحضر منها الثنائية الفنية قديمًا وحديثًا.
ويتم النجدي بقوله: لقد استحضر طه الصبان عناصره وأدواته من بين نبضات قلبه، فألقاها على سطوح لوحاته، ليسجلَ لبنة مضافة لتاريخ بلاده الحديث.