م. خالد إبراهيم الحجي
إن إقامة المهرجانات الوطنية حدثٌ جماهيري يقام على مستوى الدولة ونافعٌ جداً؛ لأنها تركز الضوء على مواضيع وجوانب تهم المجتمع وتفيده، وتتميز المهرجانات بوجود عدد كبير من الناس المتشابهين في الميول، والاهتمام المشترك، والفكر المتقارب في مواضيع المهرجانات وتَجْمعهم في مكان واحد. كما تنتقل أخبار المهرجانات وأحداثها عبر وسائل الإعلام الحديث، والناس على اختلاف ميولهم واتجاهاتهم وتنوع أفكارهم يمتلكون طاقات كامنة غير محدودة، تنتج أفكاراً إيجابية مفيدة تتحد في المهرجانات المختلفة، وتشكل منظومة من التعاون والتكامل تنتقل نتائجها بسرعة إلى جميع أنحاء العالم، لتحقيق الدعاية المتطورة للمهرجانات بواسطة التكنولوجيا الحديثة التي تخرجها بفديوهات تصويرية ثلاثية الأبعاد عن طريق التجسيد الافتراضي المبهر، ليتمكن المتصفح على الإنترنت من زيارة المهرجانات من خلال بواباتها الإلكترونية من أي مكان في العالم، وبالتالي تشجيع الجمهور إلى زيارتها على أرض الواقع.. وغالباً تقام المهرجانات الوطنية في مختلف دول أنحاء العالم لتجسد ثقافة وحضارة الدولة التي تقام فيها، وتوضح مراحل التطور على مر القرون والسنوات الماضية؛ لذلك لا بد من إعادة احتضان تراث الأجداد والآباء الذين كانوا في يوم من الأيام رواد العالم في الرياضيات والعلوم المتنوعة، وقدموا مساهمات مفيدة لا تحصى في مجالات الفلسفة والفنون المختلفة، بتوثيقه في المهرجانات الوطنية المختلفة لتجسيد مراحل النهضة والتطور عند المسلمين، لتوثيق الارتباط بجذورنا وعاداتنا وتقاليدنا ومبادئنا وثقافاتنا، والحفاظ عليها للجمع بين الأصالة والمعاصرة كما جاء على لسان خادم الحرمين الشرفين عن مهرجان الثقافة والتراث الوطني (الجنادرية) قوله: «إن الحفاظ على هويتنا العربية الإسلامية وتراثنا وثقافتنا من أوجب الواجبات علينا ومكانة الأمم تقاس بمقدار اعتزازها بقيمها وهويتها». والإقبال الشديد على مهرجان الجنادرية وسباق الهجن الكبير كل عام يعكس اهتمام المجتمع السعودي، وحبه للتسلية والترفيه والمتعة ومعرفة التراث، وهو يقام في الرياض منذ عام 1985م ويعنى بالتراث والثقافة تحت إشراف وزارة الحرس الوطني. ويجمع بين المميزات التالية:
الأولى: ميزة المكان في قرية الجنادرية: المترامية الأطراف حيث تكون التسلية والمتعة فيها أفضل منها في الأماكن المغلقة مثل المسارح والسينما؛ لأن ضخامة القرية واتساعها تُمكن الزوار رجالاً ونساءً وأطفالاً من التجول في الهواء الطلق عبر ممراتها الفسيحة وشوارعها الكبيرة أثناء التنقل بين أجنحتها المختلفة وأسواقها الشعبية المتنوعة.
الثانية: ميزة الزمان: حيث يقام المهرجان في أواخر فصل الشتاء موسم الخروج في الرحلات الصحراوية وأوائل فصل الربيع الذي يتميز بالاعتدال بعكس الأجواء في المناطق التي تقع في شمال الكرة الأرضية، مثل: روسيا وأوروبا وأمريكا وكندا التي يكون المناخ فيها لا يزال بارداً جداً مما يجعل المهرجان مناسبة جاذبة لكثير من سُياح تلك الدول الباردة في هذا التوقيت من السنة.
الثالثة: التجديد والتطوير: حيث يضاف إليه كل سنة نشاطات ترفيهية جديدة وفعاليات حضارية حديثة لم تكن موجودة في السنوات السابقة، لربط التكوين الثقافي المعاصر للمجتمع السعودي بالتراث الثري الذي يشكل جزءاً كبيراً من تاريخ البلاد؛ وبالتالي أرى استغلال المميزات السابقة من خلال تفعيل منظومة التعاون والتكامل الوطني بين وزارة الحرس الوطني، والهيئة العامة للآثار والسياحة، والهيئة العامة للترفيه لتحقيق التالي: (1): الدعاية المكثفة للمهرجان في المناطق الباردة من العالم، باستخدام آخر ما وصلت إليه تكنولوجيا المؤثرات السمعية والبصرية لإنتاج المسرحيات الثقافية والأفلام الوثائقية لتنشيط السياحة العالمية التي تهدف إليها هيئة الآثار والسياحة. (2): تنويع وسائل وفقرات الترفيه والتسلية والمتعة ودمجها بالتراث والثقافة لجذب الأطفال والشباب والشيوخ والسُياح من مختلف أنحاء العالم لتناسب مستويات الجمهور وأذواقه، وتفعيل الفائدة من مهرجان الجنادرية وتحقيقها التي أكدها خادم الحرمين الشريفين خلال كلمته في افتتاح المهرجان هذا العام في نسخته الواحد والثلاثين بحضور زعماء من دول مجلس التعاون الخليجي عندما قال إنه معلم إشعاع ثقافي سعودي يجمع أبناء الوطن ومناطقه بتنوع تراثها وفنونها في صورة حضارية تعزز قيم الوطنية والانتماء.
الخلاصة
إن مهرجان الجنادرية مناسبة وطنية عظيمة تحول الأيام إلى فرحة عيد وتحول الأصدقاء إلى أسرة واحدة.