خالد الربيعان
كرة القدم فقدت متعتها بسبب جنون صفقات اللاعبين، هذه كلمات يوب هاينكس المدرب العملاق وصاحب الثلاثية مع بايرن ميونخ، وأنا اتفق معه تمامًا، آخر كأس عالم شاهدت فيه كرة جميلة هو مونديال 98 بفرنسا!
تتخيل أن قائمة المرشحين للكرة الذهبية لأفضل لاعبي العالم في موسم 2000 كان بها: لويس فيجو، هنري، زيدان، ريفالدو، باتيستوتا، الحارس أوليفر كان، نيدفيد، روبرتو كارلوس، راؤول، بيكهام، مالديني!! وقارن الأسماء بقائمة اليوم!
ماذا عن يورو 16 - التي فازت بها البرتغال! - ومبارياتها المملة لدرجة اعتبارها أحد الأدوية المنومة أثناء المشاهدة؟! وماذا عن أمم إفريقيا الأخيرة التي رأيناها! هل هذه الكاميرون؟ أين مبوما وإيتو وجيرمي المرعبين بقمصانهم العديمة الأكمام؟! أين أبو تريكة وحسام حسن؟ أين دروجبا وعبد القادر كيتا ويحيي توريه؟!
شاهد البرازيل مونديال 2002 كوريا واليابان: وتشكيله فيها كافو، روبرتو كارلوس، ريفالدو، رونالدينيو، رونالدو، دينلسون! وقارنها ببرازيل 2014 التي كانت سببًا في نوم المواطن البرازيلي حزينًا بعد الهزيمة بالسبعة على أرضهم! كان نجم البرازيل الأوحد وقائدها في المونديال هو طفل بالنسبة لعمالقة ذكرنا أسماءهم.. طفل نحيل اسمه نيمار! الغريب أن هذا النيمار قيمته السوقية أغلى من أي نجم من جيل فطاحل 2002 هذا!
نعم! الغريب مع النقص الشديد في المتعة وانتشار الإحصائيات الرقمية، والرقابة الدفاعية أصبحت الكرة كما يقول رونالد كومان: كل فريق أصبح يريد ألا يخسر! بعد أن كان هدفه كيف أكسب! الغريب بعد كل هذا أن أسعار اللاعبين أصبحت خرافية!
أصبحنا نرى في دوري جميل - الذي أصبح غير جميل!- أنصاف مواهب يتقاضون أكثر من كل موظفي اتحاد الكرة! والسؤال هنا ماذا لو كان سامي الجابر بدأ مشواره في عصر التسويق وبورصة اللاعبين وإحصائيات الجري طوال المباراة! كم ستكون قيمته السوقية؟
خمن أنت، ماجد عبدالله أو الكابتن ماجد الحقيقي مع الاعتذار لصاحب الكارتون الشهير لأن الحقيقي أفضل؟
ماذا عن الأخطبوط محمد الدعيع؟ 30 مليون ريال؟ أو أكثر! نواف التمياط بكم؟! ماذا عن محمد نور نسخة 2005؟! لاعب الثلاث مواهب.. اللياقة البدنية والمهارة الكروية والشخصية القيادية؟!
يوسف الثنيان كم سيكون سعره الآن؟!، أنت لا تتكلم عن لاعب قضى في الهلال سنتين ورحل كأحدهم!! ذكرني أنت.. أنت تتكلم عن الثنيان الذي التزم لمدة 21 سنة داخل جدران نادي واحد!
القائمة طويلة تزيد من تثبيت تلك الحقيقة مع كل اسم، حقيقة أن الكرة في السابق بالنسبة لما نراه الآن تعد غير عادلة، من ناحية التقدير ومن ناحية القيمة السوقية، أنصاف المواهب جعلوا المباريات غير ممتعة على الإطلاق، تجلس متفرجًا وأنت بداخلك هذا الشعور الخفي الغريب: إنك ترغم نفسك وتقنعها أن ما تراه كرة قدم، ولكن الحقيقة ليست كذلك!
الحقيقة أننا كرويًا: ركبنا آلة الزمن، ورجعنا لأول سنوات الكرة على الإطلاق، حيث الآلة ترمينا في حقل بالريف الإنجليزي في يوم غائم من القرن التاسع عشر، حيث كانت الكرة في بدايات البدايات، وكانت طريقة اللعب تسمى: Kick and Run أو Kick and Run! أي بالمعنى العامي (طق الكورة والحقها).
ما حولك أحد!
المقياس لصحة هذا الكلام من عدمه هو أن تجرب بنفسك وترى عناوين الرياضة في أي جريدة أو موقع، سترى قضية على نادي، ولاعب يتهاوش مع مدرب، ومسؤول يستقيل، وإعلامي يترك موضوع برنامجه الكروي ويتحدث عن التوظيف، ونادي يريد حكاما أجانب لبقية عمره لأن كوكب الأرض يتآمر على نجاحاته! المقياس ستراه بنفسك عندما ترى العناوين والناس تركت داخل الملعب والرياضة.. وأصبحت تتكلم عمّا حول الرياضة أخيرًا أقول ما حولك أحد!