د. محمد بن إبراهيم الملحم
التقويم الدراسي لدينا دائما محل جدل، وأبرز معالمه التي استعرضتها مسبقا: طول الفصل الدراسي الممتد إلى أربعة شهور وأحيانا خمسة، وطول الإجازة الصيفية ثلاثة شهور أو أكثر، وقصر إجازة منتصف السنة، ووجود إجازات منتصف الفصل القصيرة جدا. وقريبا انتهينا من إجازة منتصف السنة أسبوعا واحدا فقط أقصر من أي إجازة منتصف السنة بدول الخليج والدول العربية والأجنبية المهمة التي هي أسبوعان وثلاثة. ولا نعلم ما الأساس الذي يقوم عليه بناء تقويمنا الدراسي فاللجان المختصة الموقرة ليس لديها مطبوعات أو محتوى إلكتروني يمكننا الرجوع إليه لنفهم أسس التفكير في تخطيطه، ويعزو المراقبون ذلك إلى أسباب الطقس والتقويم القمري للأعياد ولكن هل هذه أسباب كافية لنتحمل كل هذه السلبيات في المقابل؟ إجابتي هي لا، وأقدم تحليلا لذلك بادئا بمتلازمة الطقس الحار «المتطرف»، ففي كثير من البلدان التي طقسها مثلنا «متطرف» لكنه بارد جدا وبدلا من «الغبار الكثيف» به «الأمطار الكثيفة» أو الثلوج المزعجة والمعيقة أحيانا، لا يمثل ذلك سببا لإقصاء الدراسة عن فترة ذلك الطقس، ففي الغرب مثلا هناك فصل دراسي اسمه «الشتاء Winter Term» والمدارس جاهزة لاستقبال الطلاب بالتدفئة المناسبة، والآباء يتحملون مشاق إيصال أبنائهم للمدارس واستلامهم منها، بينما نحن نعطل المدارس في الصيف لأننا فشلنا في تهيئتها بالتكييف وفي مواجهة ضغط الصيف على الكهرباء وفي الصيانة الوقائية الدورية وفي إحكام إغلاقها من موجات الغبار، وليس هذا كله عن قلة ذات اليد فلا تزال تصاميم المدارس مثلا وطريقة تنفيذها لا تلقي لموجات عجاج الغبار التي ظلت بلدنا تتعرض لها على مر السنوات الماضية أي اعتبار!
في الدول الأخرى التي تعتمد تقويما دراسيا ثابتا مرتبطا بالتقويم الميلادي الذي ينمط المواسم المناخية فإن تقويمها الدراسي يخدم رفاهية مواطنيها في الاستمتاع بأوقات السنة بطريقة مناسبة كما أن الفصول الدراسية القصيرة (شهران وأسبوع تقريبا) وعددها ثلاثة بدلا من اثنين تسهم في تلطيف فترة الدراسة، لذا أنصح بتبني هذا التقويم لما فيه من مرونة وفاعلية مع تخصيص أيام إجازة للأعياد أينما وقعت أثناء أي فصل دراسي لتعود الدراسة بعدها إلى مجراها مع زيادة أيام ذلك الفصل بما يقابل تلك الأيام المخصصة للعيد، علما بأنها قد تقع أحيانا في إحدى الإجازات سواء الصيف أو بين الفصلين، فحينها تضاف إلى أيام تلك الإجازة، والواقع أننا نبالغ في مدة إجازة بعض الأعياد وكذلك في تطويع تقويمنا الدراسي للسنة القمرية من أجلها، فلم يأمرنا ديننا بهذا، إجازة الأضحى يكفيها ثلاثة أيام أو أربعة، يوم لوقفة عرفة وثلاثة للعيد، فما عادت أيام العيد كما مضى إذ ينتهي الناس من المعايدة في اليوم الثاني -غالبا- ويبقى الثالث يوما خاملا، فما بالك ببقية الأيام الستة وما اتصل معها من أيام نهاية الأسبوع!
أما إجازة عيد الفطر فثلاثة أيام للعيد وخمسة أيام تسبقها للخمس الأواخر من رمضان ستمثل أسبوعين تقريبا وهي كافية لاستثمار هذه الأيام الفاضلة من الشهر الكريم للطلاب وللمعلمين والموظفين لتعود الدراسة بعدها بشكل طبيعي، وهذا يكون طبعا في حال عدم وقوع العيد في الإجازة الصيفية أو الربيعية.
هذه الاختصارات ليست عبثا ولكنها تحقق فائدتين مهمتين: أولا إمكانية العمل بنظام تقويم دراسي قائم على المواسم المناخية، وبالتالي يمكن إدخال هذه الإجازات المتحركة فيه لقصرها، وثانيا ترحيل أيامها المختصرة لصالح إجازات ما بين الفصول (في حالة ثلاثة فصول) أو إجازة ما بين الفصلين الحالية بما يجعلها إجازة حقيقية لا مجرد أسبوع هو أقصر إجازة بين فصلين دراسيين في العالم.