ماجدة السويِّح
المواطنة الرقمية مفهوم حديث ظهر مع تنامي استخدام الإنترنت والمشاركة المجتمعية عبر الشبكات الاجتماعية، وأصبح مفهوم المواطنة الحديث محط الاهتمام في الدول المتقدمة في التعريف به، وتوعية الجمهور بالحقوق والواجبات المرتبطة بالممارسات، من خلال المؤسسات التعليمية، والجمعيات المهتمة بالمجال نفسه.
في المجتمعات المتقدمة يخضع الطفل للتوعية والتثقيف للمعنى الجديد للمواطنة الرقمية في المدارس، ليكون مواطناً صالحاً، من خلال فهم الحقوق والواجبات المتعلقة بالمواطن الرقمي، كما تقدم عدد من البرامج والدروس للمواطنين من كل الأعمار لضمان الاستخدام الآمن، والواعي للشبكات الاجتماعية، خصوصاً مع تزايد ظاهرة التنمر الإلكتروني بين أوساط المراهقين، والبالغين على حد سواء.
تنمر الشخصيات المؤثرة المحسوبة ضمن المجال الدعوي أو الثقافي ظاهرة، تجتاح شبكات التواصل الاجتماعية خصوصاً تويتر مع كل حدث أو مناسبة، والواقع يرصد لنا الممارسات غير المسئولة من شخصيات لها حضورها في المجال العام بالتعليق والسخرية، أو نشر خطاب الكراهية، أو التحريض على من يخالفهم، فلم يعد التنمر حصراً عل المراهقين ومن في حكمهم، بل تعدّاه إلى الشخصيات الثقافية والمؤثرة في المجتمع.
وخير دليل على حالة الإفلاس الأخلاقي في التعايش وتقبُّل الآخر، ما حدث للفنان ناصر القصبي عندما غرد عن النخلة التي زرعها والده، وماتت بعد وفاته، لتكون «حادثة النخلة» شاهداً على دناءة البعض في التشفي، والسخرية من آلام الناس ومشاعرهم، وتصفية حسابات وصراعات فكرية ممن يفترض بهم أن يكونوا قدوة في التحلي بالأخلاق الحسنة في التعامل مع من يخالفهم في الفكر.
سبق القصبي الشيخ سلمان العودة بعد وفاة زوجته وابنه في حادث مروري في المعاناة من تنمر المغردين، واستغلال المصائب للتشفي، أو نشر التحريض ضد من لا يتفق معه، دون اعتبار للموت وللميت، وحرمة العبث ونكء جراح المفجوعين بأحبتهم، وتناسى المتنمرون في حضرة الموت عبارات العزاء والمواساة، وتناسوا المصيبة وأجر الساعين في تخفيف مصاب فقد الأحبة، واستبدلوها بالسخرية والتشفي، لنيل شهوة الانتصار.
وأخيرًا: للمقاتلين بلا شرف في حضرة الموت انزعوا أحقادكم، وانسوا معارككم مع من تختلفون معهم.. صفوا قلوبكم وطهروا ألسنتكم وأيديكم من شهوة التغريد، للانتصار في معارككم المصطنعة..
في حضرة الموت استحضروا الإنسان في داخلكم ، ودعوا صراعاتكم التي لا تبقى ولا تذر أي أمل في التقارب والتعايش في العالم الرقمي..