فهد بن جليد
كنتُ أعتقد أنّ (موضة) توزيع الأسئلة على بعض الصحفيين في المؤتمرات الصحفية، اختفى مُمارسوها مع التطور التقني والتكنولوجي والانفتاح الإعلامي الذي نعيشه، عندما أصبح المسؤول هو من يبحث عن الصحفي (الملقوف) ليُجيب على أسئلته بكل شفافية، قبل أن تتحول إلى (هاشتاق مُزعج)؟!.
مؤخراً حضرت أحد المؤتمرات الصحفية (لمناسبة تقليدية) يتحدث فيها المجتمعون عن خططهم المُستقبلية، وكيف تمكنوا من تطوير عملهم أكثر، ولاحظت مُنذ البداية أنّ المسؤول عن استقبال الصحفيين، يُدخل جيبه في كل مرة يرى فيها أحد أصدقائه ويعطيه ورقة صغيرة مطبوعة - لم أُعِر الموضوع أي اهتمام - كوني دخلت مُسبقاً بهدوء وجلست في مقعدي الخلفي..
عندما جاء وقت استقبال الأسئلة من الصحفيين، عرفت سرّ الورقة الصغيرة؟ لأنّ من سُمح لهم بطرح الأسئلة في البداية كانوا هم من يحملون تلك الأوراق، فهي مُجرد (أسئلة مُعلبة) تُطرح بصوت يَطرَب له المُنظمون ، كونهم يعرفون بورودها مُسبقاً ولديهم الإجابة عليها، فيما يُشبه مزيداً من شرح وجهة النظر، ومنع الأسئلة المزعجة - لا أكثر -، وكان من يوزع المايك لطرح السؤال يختار (أصحاب الأوراق) بعناية .. ويتجاهل الآخرين!.
بعد خامس أو سادس سؤال (مكتوب)، كان لا بد من سماع بعض الأسئلة من الصحفيين (من غير أوراق)، وهنا وقع ما يخشاه صاحب فكرة (توزيع الأوراق)؟!.
حيث بدأت الأسئلة في السخونة، وباتت أكثر جدية ومُباشرة ومواجهة، تحتاج إلى إجابات واضحة وهامة، لتعود الثقة إلى المشهد مُجدداً عندما تُرك الصحفيون ليُمارسوا دورهم المُنتظر بكل شفافية، دون تدخل أو اقتراحات بأسئلة مكتوبة ومُعدّة مُسبقاً..
هنا ابتسمتُ في وجه صاحب الأوراق ابتسامة صفراء، وكأنِّي أقول له إنَّ نَفَس (الأسئلة المُعلبة) قصير، ولا بد في النهاية من ورود السؤال الذي تخشاه، فكن أكثر ذكاءً في المرة القادمة؟!.
تنظيم المؤتمرات الصحفية سيمفونية (فن حر)، لا يجوز أن يتدخل فيها أصحاب المُناسبة ليُعدِّلوا في الأوتار طمعاً في سماع ما يُريدون، بل يجب ترك العازف لوحده حتى يُطرِّب الآذان بمقطوعة احترافية؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي.