د. محمد بن عويض الفايدي
وسام عالمي منصف يُتوج به النظام الأمني والدفاعي والاستخباري السعودي بفاعلية القيادة السعودية التي يتبنى خادم الحرمين الشريفين القائد الأعلى للقوات السعودية العسكرية صرامة تنفيذه لحفظ الأمن والنظام والاستقرار الذي تنتهجه المملكة العربية السعودية في خدمة الحرمين الشريفين وتوفير الأمن والحماية للحجاج والمعتمرين والزوار، وتسخير كافة الإمكانات البشرية والمادية والتقنية لبسطه وتحقيقه داخليًا وخارجيًا، يعاونه في ذلك ولي العهد وولي ولي العهد بقيادة أمنية ودفاعية واستخبارية موحدة تتبنى استراتيجيات وسياسات وخطط شاملة ومتجددة تنفذها قيادات أُعدت إعداد متكامل للمحافظة على الأمن الوطني السعودي بكل مقوماته ومستوياته الداخلية والخارجية.
على مقدار هذا الاهتمام القيادي السعودي بمسؤوليات حفظ الأمن وضمان الاستقرار على إقليم المملكة، والتعاون الإيجابي بالإسهام الفعال مع الدول والهيئات والمنظمات بتحقيقه خارجيًا، ومحاربة الإرهاب ومكافحة الإجرام الدولي. توالت شهادات حق وتصريحات إنصاف تؤكد جميعها أن الأمن والاستقرار والأمان السعودي رمزية دولية يشاد بها ويشهد لها، ويُقر بنقائها، ويعترف بمصداقيتها وقدراتها. وعندما يأتي هذا الإعلان العالمي من أكبر وأقوى الدول في القدرات والتقنيات والإمكانات الأمنية - الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا - فهو يحمل دلالات ذات أبعاد سياسية وأمنية وعسكرية على درجة عالية من الأهمية في توجه السياسة الدولية ذات التأثير في القرار الدولي تجاه المملكة لا سيما مع الإدارة الأمريكية الجديدة التي يُعول عليه شيء من الإنصاف والاهتمام بالقضايا العربية والاسلامية التي تنتظر التفاعل الدولي معها بشكل أكثر وتُعول على الجهود السعودية ما يبعث على الأمل من حق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة، وإنقاذ ما بقي من سوريا والعراق وتمكين الحكومة الشرعية في اليمن، وتحقيق الاستقرار في ليبيا، وإنقاذ مصر من مهددات الاضطراب وتنامي منظمات الإرهاب على حدودها.
عندما يُشيد العالم بالدور والجهود السعودية الأمنية والدفاعية والاستخبارية المتميزة هو يعكس حقيقية ما تتميز به المملكة العربية السعودية من استقرار سياسي وأمني واقتصادي واجتماعي يسانده نظام عدالة جنائية مستقر يُرسم الاستراتيجيات وينفذ السياسات بخطط مواكبة تُحشد لها الإمكانات المادية والبشرية ويدعمها التدريب المستمر وتُعززها التقنية المتطورة وقواعد بيانات ومعلومات شاملة ومحمية من الاختراق والعبث، وتوقيع الاتفاقيات والمعاهدات ومذكرات التفاهم وتبادل المعلومات والتجارب مع الدول الأخرى بما يتعقب خلايا الإرهاب وجذور الإجرام الدولي، ويُعزز جهود الدول والهيئات والمنظمات الدولية والإقليمية في تحقيق الأمن والسلم الدولي. كل ذلك أفضى إلى تعاون سعودي إقليمي ودولي فعال في مواجهة الإجرام الدولي ومكافحة الإرهاب، وأسهم في إحباط جرائم إرهابية ضخمة في دول تمتلك أحدث وأدق التقنيات.
تأتي شهادة وزير الأمن الداخلي في الولايات المتحدة الأمريكية «جون كيلي»، وقد سبقته رئيسة الوزراء البريطانية «تيريزا ماي» بالتوافق التام على قدرات النظام الأمني والدفاعي والاستخباري السعودي العالية التي تتميز بالجاهزية والفاعلية والكفاءة التشغيلية والتدريب العالي والتعاون البناء في مكافحة ظاهرة الإرهاب والجريمة ومصادر تمويلها وتحركات عناصرها والمشبوهين الذين لديهم خطورة إجرامية على الأمن والسلم الدوليين.
الإقرار الدولي بالتميز الأمني السعودي الذي جعل الولايات المتحدة الأمريكية تعترف أمام الرأي العالمي أن الواقع الحقيقي للأمن والاستقرار السعودي جعل المملكة في مأمن من الإجراءات الأمريكية الأخيرة التي اتخذتها الإدارة الأمريكية الجديدة لمنع دخول رعايا بعض الدول إليها. وبالتالي أغلق هذا الإعلان العالمي على اللوبي الصهيوني والمجوسي منافذ الإساءة للمملكة والنيل منها، ودحر كل الحجج التي كانت تُعزي التطرف والإرهاب إليها. بل أتت الوقائع تحمل الإقرار الصريح من أعلى المستويات القيادية بالدور الإيجابي والمواقف النبيلة من الرمزية الغربية ورموز صناع القرار في أهم دولتين أمريكا وبريطانيا، وبتوثيق من مسؤولين من الوزن الثقيل في المجتمع الغربي وبحضور الساسة والوزراء وصناع القرار في صالح المملكة وعلى عكس رغبة مناهضيها في بعض دوائر صنع القرار الأمريكي. وأضحى واقع الأمان والاستقرار السعودي مضرب مثل عالمياً ليس بالقدرات الأمنية والعسكرية والاستخبارية وكفاءة النظام الأمني والدفاعي التي يشهد بها العالم الغربي المتقدم فحسب، بل ذهب إلى أبعد من ذلك وحمل وسام الصبغة الدولية لهذه الموثوقية العالمية التي تؤكد علانية أن لدى السعودية قوات أمنية فاعلة، وأجهزة استخبارية موثوقة وجيدة جدًا، وقواعد بيانات ومعلومات يُعتمد عليها.
كل هذا سبقته إسهامات سعودية فعالة بتعاون دولي وعقد مؤتمرات دولية ولقاءات إقليمية، والإسهام في إقامة مركز دولي لمكافحة الإرهاب، ودعم المركز الدولي للأمن النووي، وتشكيل التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، والمشاركة الفعالة في التحالف الدولي لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي، وتصنيف حزب الله اللبناني منظمة إرهابية، وسن قوانين لمنع تمويل الإرهاب، ومعالجات وضربات استباقية قوية وناجحة لمفاصل التنظيمات الإرهابية وعناصرها منذ تنظيم القاعدة ومن ثم داعش تنطلق من رؤية متعمقة للظروف والشروط التي تُذكي جذوة الإرهاب والتطرف وتدفع بالجرائم الإرهابية إلى التوسع والانتشار والتوالد خاصة في مناطق الصراع وبالقرب منها، والتي يسير معها نمط الإرهاب باتجاه طردي فيه تتسع البيئة الحاضنة والموجهة والموظفة والمستفيدة من الإرهاب وجرائمه وعناصره المنتمين للتنظيم والمنشقين عنه ومن ثم مؤسسين لتنظيم آخر يتغذى من جذور التطرف، ومرجعيات الطائفية على مستوى الإرهابي والجريمة الإرهابية ومسرح الإرهاب المحلي والإقليمي والدولي وبيئة الإرهاب ذاتها. فضلاً عن التنظيمات الإرهابية وخلفية نشأتها وتكونها وانشطارها الرأسي والأفقي وقوى توجيهها ومكونات قيادتها ومنطلقات زعاماتها، وأدوات التمويل والترشيح وسمات وخصائص نيل المناصب والتدرج فيها. ناهيك عن قوى الصراع وأدوات تعميقها، ومحركات التنظيمات ونقاط الارتكاز فيه للزعيم المعروف والمستتر والمنظر والمستقطب والجاذب والميسر والمعرف والمجند والمهيأ والمدرب والمحفز والمنفذ، ثم أين تتركز الخارطة الجغرافية لكل هؤلاء؟ وأين يلتقي البعد الجيوسياسي لعناصر هذه المنظومة وأدوات تسليحها وتقنياتها وتمويلها وتدريبها ودعمها اللوجستي، وكيف تخترق؟ وأين مفاصل تنفيذ عملياتها؟ وكيف تختار أهدافها. وكيف يتم تسييل الحدود بين الدول؟ ومتى يتم الانشطار في التنظيم للتعمية؟ في مواجهة حقيقية لظاهرة الجريمة الإرهابية تُركز في البحث عن نواة الشخصية الإرهابية وكيفية تشكلها ونموها، والإرادة الإرهابية وخلفية بنائها، ومدى صمودها؟ ونقطة انهيارها، وأثر العوامل الفكرية والثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والقضائية والأمنية والإعلامية والبيئية والسيبرانية على تمدد الإرهاب وعالميته. ويبدو أن الدور الإعلامي الذي ما زال محدودًا بقدرته أخذ زمام المبادرة لتوظيف هذه الشهادات الدولية المتواترة عن متانة النظاالأمني والدفاعي والاستخباري السعودي وتوظيف ذلك لخدمة القضايا العربية والإسلامية بتوجه إعلامي محلي وخليجي وعربي يتجاوز دائرة الرؤية المحدودة والتناشز الإعلامي، ويُعيد صياغة الأمن القومي العربي برؤية مشتركة تستفيد من الفرص وتتجاوز المخاطر وتحول التحديات إلى مكاسب تُعيد تضامن ووحدة العالم العربي والإسلامي.