م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1 - طوال مراحل التاريخ قُسِّم التخطيط إلى ثلاثة أقسام: قصير ومتوسط وطويل المدى.. لكن في عالم اليوم حيث التسارع العظيم في كل شيء لم يعد هناك شيء ثابت أو مركزي أو حتى معياري.. مما جعل استشراف المستقبل ضرباً من الخيال.. وبالتالي أُلغي التخطيط على المديين المتوسط و البعيد.. وساد التخطيط على المدى القصير فقط بسبب التحولات السياسية والمجتمعية الهائلة السرعة التي أربكت كل الحسابات.
2 - تأثرت أطر التفكير ومنهجيات التحليل السياسي والاجتماعي منذ مطلع هذا القرن الميلادي فبدا كل شيء قابلاً للتغيير السريع والجذري.. صحيح أن التقدم التكنولوجي سَرَّع من وتيرة الحياة بكلياتها لكن ليس هذا كل ما في الأمر.. لقد كانت الحياة تسير وفق أنماط وسرعات شبه ثابتة مستقرة.. ولا يُحْسب في الخطط حساب التغييرات الراديكالية المفاجئة.. أما اليوم فإن أهم عامل يجب أن يضعه المخطط في حساباته هو حدوث غير المتوقع.
3 - هيمنة التخطيط قصير المدى على كل ما عداه من أنواع التخطيط أفقد السياسيين والمخططين القدرة على السيطرة الكاملة على المستجدات.. وجعل معيار «غير المتوقع» معياراً رئيساً في أي نوع من أنواع التخطيط.. وألغى حالات القياس أو إعادة إنتاج أفكار الماضي وتدويرها.
4 - أيضاً الثورة الاتصالية أفقدت الجميع حكومات وأفراد السيطرة والتوجيه.. وارتفعت أهمية الفرد.. فلم يعد الاتصال جمعياً بل تم تركيزه حتى أصبح فردياً بحتاً.. ومع الأفراد لا بد أن تكون خططك قصيرة المدى.
5 - وصف أحد الدارسين عالم اليوم بأنه أصبح: سريع التحديث، شديد التعقيد، ثرياً بالفوضى، لا أحكام قطعية فيه، ولا عقلانية تطغى على عقلانية أخرى، ولا قوة يمكن أن تفرض سلوكها على الآخرين.. كل هذا جعل التخطيط قصير المدى هو سيد الموقف بلا منازع.
6 - فسر بعض الدارسين سبب سيادة التخطيط قصير المدى بأنه أصبح طويلاً في عصر النانو.. أي أن الخطط قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى لا زالت كما هي.. إلا أن التخطيط قصير المدى مع زيادة السرعة أصبح طويلاً.. أما التخطيط متوسط المدى فقد أصبح طويلاً جداً يتجاوز حدود المنطق.. ناهيك عن التخطيط طويل المدى الذي انتهى عصره مع الطيبين.
7 - هل فهمتم؟.. أنا لم أفهم!.