سمر المقرن
قبل ظهور مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي، لم أكن أتوقع وجود إنسان من الممكن أن يشمت بموت إنسان آخر، فالتواصل الاجتماعي أظهر حقيقة سلوكيات كثيرة كانت غائبة عنّا، ليس لأنها غير موجودة، بل لأنه لم يكن هناك ما يساهم في ظهورها على العلن.
الموت هو الحقيقة الوحيدة الثابتة التي لا يختلف عليها أي شخص مهما كان دينه أو معتقداته أو توجهاته الفكرية، الموت هو نهاية العمر ولكل كائن حي عمر مكتوب منذ أن بدأ الله - سبحانه وتعالى - تشكيله وخلقه، والموت لا يُستثنى منه أحد، فكل كائن حيٍّ مصيره الموت، هو النهاية الحتمية التي لم يسجل التاريخ حولها أي جدل.. فكيف يُمكن أن يكون موضوع شماتة؟! فحتى لو رأينا - بعض - الضعفاء وقد شمتوا بمصائب غيرهم في مرض أو أي حدث آخر، فكيف به يشمت بالموت وهو ينتظر اليوم الذي سيموت به؟!
غريبة جداً هذه السلوكيات، والأغرب أنها تنتشر لدينا بكثرة، في حين لا يُمكن أن نجد شخصاً في العالم الغربي غير المسلم يشمت بموت شخص آخر مهما بلغت درجة عدائه له. والغريب أنه في - بعض - الآراء الدينية حول الشماتة بالموت وجدت من يقول إن هذا السلوك من أفعال الكافرين والمشركين، وفي الحقيقة لم أرَ أحداً منهم شمت بموت آخر. فالموت ليس فعلاً يُمكن أن يثير حالة الشماتة، هو النهاية الطبيعية التي ننتظرها جميعاً.
أيضاً أستغرب ممن يُرجع الموت على أنه عقوبة من الله، فهل كان الموت عقوبة للأنبياء والرسل؟ قليل من التفكير يصيبني بالتقزُّز حيال مثل هذه الأفكار التي ليس لها دين ولا أخلاق! هذه السلوكيات هي عبارة عن إطلاق العنان للجانب الشرير في الإنسان، وجعل هذا الجانب يتغلب على الجزء الأصيل في الإنسان ذاته وهو جانب الخير، هو بذلك يستخرج الصفات الكامنة من ذاته وإظهار النسخة الشريرة من إنسانيته!
الشماتة بالموت هو جريمة مكتملة الأركان، وهو تعدي على نمط الخلق الذي شكّله الله - عزّ وجلّ - ويلحق صاحبه بعقوبة في الدنيا والآخرة، وقد لا يتعظ إلاّ بعد فوات الأوان في اليوم الذي تأتيه فيه المصائب، فهل سيدرك شخص بهذا التفكير أنّ ما لحقه من مصيبة هو جراء سلوكياته، أم أنّ طغيان الجانب الشرير في شخصيته سيطمس عنه تلك الرؤيا؟!
في الحياة كثيرون تملأ قلوبهم الأمراض ويلوثها الحنق والغيظ والكره والضغينة، فهل العقوبة خير علاج؟!