أمل بنت فهد
كثيرًا ما تقول أحب نفسي طبعًا.. ومن الذي لا يحب نفسه.. وعند الأفعال تتراجع الكلمات وتصادق على الخداع الذي يمارسه الإنسان ضد نفسه.
عندما تُحب أحدهم فإنك تتحرى عن الأمور التي تسعده ويحبها.. لتفعلها وتوفرها.. تحاول جاهداً أن تمنحه ما تظن أنه يحدث فرقاً في مزاجه ويريحه.. لكن متى صنعت شيئًا من أجل نفسك؟ متى تحريت عن الأمور التي تعشقها ووفرتها لذاتك؟ وهل تعرف حقيقة أي أمر تحبه نفسك من أعماقها؟ وهل حان وقت تنفيذ الأماني المؤجلة لأنها تخصك.. لذا لا تستحي من انتظار أمنياتك على رف «فيما بعد».
أنت تمارس حياتك وفق ما يريح الآخرين.. تجامل وتضغط على ظروفك.. وتتجاهل أفكارك.. وتعارض رأيك من أجلهم.. ولو نظرت ليومك من أوله لآخره.. ستجده مكتظ بما يطلبه الآخرون.. زوجك.. أبنائك.. أصدقائك.. مجتمعك.. مذهبك.. مديرك.. زميلك.. وهكذا ينتهي اليوم ونفسك لم تطلب أمراً واحداً من أجلها.. بل كانت حسابات الآخرين تهيمن على وقتك.. واهتمامك.
أتدري ماذا يحدث لتأجيل الرغبات الذاتية.. هل تدرك أنها تذبل وتتآكل.. وتفقد شهية التحقق.. هل تدرك أن بعض الرغبات حياة لك.. وليست مجرد رفاهية يمكن أن تدخل حيز الـ «بعدين، إذا تحسنت الظروف، إذا انتهت الأعمال» إنها القائمة الطويلة التي تعلق عليها التأجيل.. إنها حبل المشنقة الذي تصنعه دون أن تدرك أن الأماني تقف على كومة حطب مشتعل.. مصير محصور بين الحريق والحبل الملتف على رغباتك.. وفجأة تجد نفسك فقدت معنى المتعة.. لم تعد تعرف كيف تستمتع.. لأن المتعة مرتبطة بتوقيت تحقيق الرغبة.. وإلا تلاشت.
تراجع عن هجر نفسك.. التفت إليها.. قبل أن تتعود على غيابك.. وتكون مغيبًا وغريبًا عن نفسك.. بعض الأنانية فضيلة.. تمنحك وهج الاستمتاع.. تعلمك كيف تُحب نفسك.. لتمنح الحب للآخرين بعد أن تُشبع نفسك.. وإلا أصبحت التضحيات التي قدمتها مشاعر حرمان وغضب سيتراكم داخلك.. ولن تكتشفه إلا في اللحظة التي تفقد فيها حواسك معنى الأشياء من حولها.. وكل من أفنيت نفسك من أجلهم انشغلوا بحياتهم وذواتهم.. ستبقى وحيدًا مع بقايا أماني فقدت ملامحها.. لا تدري لمن هي.. لك أم لغيرك.
أحب نفسك.. وتعرف عليها.. واعرف ماذا تريده واعطها.. لأنها ستعطيك أضعاف ما يمكن أن يمنحه لك الآخرين.. صحة.. راحة بال.. متعة.. توهج.. استعداد للحياة.. شباب لا يغادر روحك.