غسان محمد علوان
طالعتُ قبل أيام قليلة إحصائية مختصرة، تتحدث عن فريق يوفنتوس الإيطالي، وتحديدًا عن نتائج الفريق على ملعبه منذ افتتاحه بداية موسم 2011 - 2012. تلك الإحصائية تقول إن فريق (السيدة العجوز) قد لعب 145 مباراة على ملعبه، فاز في 114 مباراة، وتعادل في 26 مواجهة، وخسر في خمسة لقاءات فقط!! وفي هذا الموسم تحديدا في الدوري لعب 12 مباراة، فاز فيها جميعًا. هذا المثال قد تشابهه أمثلة أخرى (نادرة) في دوريات أخرى. وقد أوردت مثال يوفنتوس الساعي لتحقيق لقبه السادس على التوالي والثالث والثلاثين في تاريخ الكالتشيو لشرح كيف أن زعامتك الحقيقية لكرة القدم في بلادك تنطلق من التفاصيل الصغيرة المتراكمة، التي من شأنها أن تضعك على قمة المجد بلا منازع.
لكي تكون زعيمًا.. الفوز على ملعبك، في أرضك، بين جماهيرك، ليس خيارًا تستطيع الأخذ به متى ما ناسبك، أو ساعدتك الظروف على ذلك.. فمنطق الزعامة يقول: لن يجرؤ أي فريق على أن يسلبني نقاطي من ملعبي.. والاستثناء فقط هو خروج الضيف بنقطة وحيدة، فما بالكم بالنقاط الثلاث كاملة.
في المقابل، نرى زعيم الكرة السعودية (الهلال) الساعي لتحقيق اللقب الغائب عن خزائنه لخمسة مواسم متتالية قد خسر مباراتين فقط من أصل 18، وكلتا الخسارتين كانت على أرضه. وتعادل في مواجهتين فقط، إحداهما كانت على أرضه أيضًا. بمعنى أن الهلال قد خسر 10 نقاط في سباق الدوري (حتى الآن)، 8 منها على أرضه!
قد يعزو البعض سبب ذلك لقلة الحضور الجماهيري في الرياض مقارنة بما نراه في الملاعب الأخرى خارج العاصمة، التي تكتسي مدرجاتها الزرقة حيثما حل الهلال. هو عامل مؤثر بلا شك، ولكن تحميله كل المسؤولية هو تنصل من الحقيقة وواقع الأمور.. فالواقع يقول إن المنظومة الهلالية الحالية لم تترسخ في عقلها طريقة التعامل مع الدوري بشكله الصحيح. متى يجب أن تفوز، ومتى يتم التغاضي عن تعثر عابر تفرضه طبيعة منافسات كرة القدم. ولا أدل على ذلك من هذا الغياب الدوري لخمسة مواسم.
فتبسيط العثرة وتسطيحها وتبريرها بسوء الحظ أو وجود بعض الأخطاء لا يجعل منك بطلاً.
وتكرار الأخطاء في كل مباراة بالكيفية نفسها، دون تعديل أو تقويم، لا يجعل منك بطلاً.
حضور الروح في لقاء، وغياب الرغبة الحقيقية في الفوز في خمسة، لا يجعل منك بطلاً.
تميز لاعب بعينه في مباراة، وتراخيه حد الاختفاء في عشرة، لا يجعل منك بطلاً.
هي ثمانية لقاءات لا غير قادرة على تذكير الهلاليين بطعم الزعامة التي بدأ طعمها بالتلاشي من أفواههم، طالما استمر ابتعادهم عن لقب الدوري. فهل يعون حقيقة الموقف مبكرًا، أم يعيدون أسطوانة المواسم الماضية؟ مصيرهم (بعد توفيق الله) بأيديهم فقط، فهل هم فاعلون؟ لننتظر ونرى.