د. صالح بكر الطيار
خطت وزارة التجارة خطوات مميزة في الرقابة أتت ثمارها من أيام الحقبة الوزارية للوزير المبتكر توفيق الربيعة إبان توليه ملف التجارة وصارت بعده الوزارة على نفس المنهجية، مما يؤكد أن العمل المميز الذي يخلفه المسؤول في عملة يستمر ويبقى من الأمور التي ترتبط باسمه وإنجازاته، وأتمنى أن تسير الوزارة بنفس الجهود الماضية التي كانت محل تقدير المستهلكين في كل أرجاء الوطن، وأسهمت في الكشف عن المخالفات التجارية، وأعطت المواطن حقه نحو الاستغلال التجاري ومنعت حالات الغش ووضعت حدوداً وعقوبات للأخطاء التي تعرض لها العديد من البشر، وصار للمستهلك حقوقه التي يجدها بمجرد الاتصال على الأرقام المخصصة للبلاغات، في وقت اتبعت الوزارة مبدأ المباشرة الفورية والتعامل العاجل مع الحالات.
وقد قامت جهات أخرى مثل وزارة الشؤون البلدية والقروية بجهود واضحة في قطاع الرقابة والذي يرتبط بالبلديات ارتباطاً كبيراً جداً نظراً لارتباط الخدمات بالبشر وبمطالبهم، حيث أثمرت الجهود الرقابية والجولات التفتيشية عن جهود مباركة في كشف المستور وفي القضاء على العديد من المخالفات والسلبيات التي تهدد حياة الناس وتسببت لهم في الأمراض، وقد تم ضبط آلاف المخالفات ونرى يومياً ما ينشره الإعلام من تلك القضايا، وقد كشفت تلك الجولات عن مطاعم شهيرة وسلسة مطاعم كبرى كانت تعمل تحت غطاء الاسم، بينما تملأ منتجاتها الأخطاء والأضرار.
هذان نموذجان للرقابة اعتمدا منهجية واضحة في التعامل مع المخالفات المختلفة التي أسفرت عن نتائج تهم الوطن والمواطن، وما أود قوله: أتمنى أن تحذو الوزارات الأخرى جميعاً تطبيق مبدأ الرقابة الصارمة، فليست المخالفات فقط مختصة بالجهات المختلفة والشركات والتجار والمطاعم وغيرها، بل إن الرقابة من أهم أساسيات العمل في كل وزارة، ومن أهم أولويات الرقابة رقابة المشروعات المتأخرة التي تُعد من أهم عوائق العمل في الوزارات ومن أكبر الملفات التي أعاقت التنمية، فالمشاريع المتأخرة تملأ الوطن والهدر المالي يصل للمليارات، والمقاولون يتلاعبون ويؤخرون العمل والعقود تتأخر.
إضافة إلى أهمية الرقابة على جودة المنتجات المقدمة من كل وزارة فهي أيضاً من أهم الأمور التي يجب إحكام الرقابة عليها في أي وزارة، وعلى الوزارات أن تغير مفاهيم الرقابة التي تركز على بنود وتترك أخرى. عليها أن ترفع الاستعداد في هذا الجانب، وأن تزيد عدد موظفي إدارات الرقابة والمتابعة في الوزارة وفي فروعها وخصوصاً في المناطق التي يتم فيها رصد مخالفات أو تلك التي يزداد فيها طلب الإنتاج ووفق المعايير التي أخضعت أيضاً للرقابة.
الرقابة الحكومية مهمة جداً، ومن المهم أن تبدأ من الوزارات أولاً.. فمنها تنبع إستراتيجيات العمل المتميز الذي يؤول إلى إنتاج متزايد.. وعلى الوزارات وفروعها أن ترفع مبدأ التوعية في مجال الرقابة سواء ما يخص الرقابة الذاتية من الوزارة وفق ما يخص أعمالها، أو ما يخص القطاعات الأخرى التي تضطلع الوزارات برقابتها.. نحتاج رقابة عاجلة ومستمرة في كل أرجاء الوطن حتى ننعم بمنتجات تُرضي المستهلك وتمنع المخالفات أياً كان نوعها وعمل مجود يؤتي ثماره.
نتطلع مع رؤية السعودية 2030 إلى جهود إضافية، وإلى تكاتف الجهود بين كل الوزارات معاً، وأيضا بين المواطن والجهات الحكومية حتى نرفع مستوى الرقابة بما يوازي مستوى الطموح في الحاضر والمستقبل.