«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
لو كان ضحايا مجزرة مسجد كندا أمريكيين، أو ينتمون إلى ديانة أخرى، لقامت الدنيا ولم تقعد كما يقال، ولكن لأنهم مسلمون ومسالمون، ربما يكونون موظفين أو عمالاً أو حتى طلابًا، كان رد الفعل العالمي محدودًا، وبدون فاعلية تذكر، اللهم إلا أخبارًا وصورًا. ولا ننسى هنا ما أشار إليه رئيس وزراء كندا، هذا الشاب الذي اتسم منذ بداية تسلمه رئاسة الوزراء الكندية بأنه ينحاز دائمًا إلى الحق، بل إن هناك من يتهمه بأنه متعاطف مع الغرباء من مهاجرين ولاجئين وحتى مسلمين. لكن اليد الواحدة لا تصفق؛ فما يواجه العالم الإسلامي اليوم، بل كل المسلمين في دول الغرب، من عداء خفي.. يدعو للقلق مع تنامي الكراهية، وحتى الشعوبية في بعض الدول الأوروبية. والبعض منا يذكر التصاعد المستمر لمواقف اليمين المتطرف في إيطاليا وفرنسا ودول أخرى إزاء المهاجرين، وحتى هداية الله التي بدأت تحتوي الآلاف من أبناء القارة الأوروبية، وخصوصًا في فرنسا وبريطانيا وألمانيا، إذا جاز لنا هذا التعبير، فدخلوا إلى رحاب الدين الإسلامي. إنه لأمر محزن جدًّا أن يتباكى العالم الغربي، بل يتعاطف معه إعلام منحاز، عندما تحدث عملية إرهابية أبطالها محسوبون - للأسف - على الإسلام أو العرب، ونجد الصراخ والعويل في الصحافة الغربية بصورة حادة ولافتة.. بل تجد أن ساعات البث لنشرات الأخبار والتغطيات تتابع لوصف ما حدث بصورة عجيبة، تصور المسلمين بأنهم وحوش وبرابرة.. الأمر الذي ساهم في تأجيج مشاعر الحقد والكراهية في نفوس بعض شعوب الغرب البسطاء، وأثار فيهم الشعور الشعوبي الذي كان نائمًا لعقود. ونسي الإعلام الغربي وحتى العالمي شلالات الدماء التي جرت في عالمنا العربي أيام الاستعمار في الدول التي شملها ذلك الاستعمار الوحشي. لقد سجل التاريخ صورًا بشعة لتلك المذابح التي قام بها الاستعمار في الجزائر وفلسطين وليبيا والمغرب وتونس والشام والعراق وحتى مصر.. دماء سالت من ملايين الضحايا العرب، الذين كانوا عزلاً، يقاومون الاستعمار بصدورهم. ولنا في الملاحم والبطولات في فلسطين وفي الجزائر وليبيا خير مثال للمقاومة العظيمة التي خلدها التاريخ. إن بيانات الإدانة لحادثة ومجزرة مسجد كيبك في كندا لتصوِّر لنا بشاعة العدالة في العالم في هذا العصر؛ فباتت تكيل بمكيالين، وجاءت إدانتها للمجزرة أبرد من أجواء هذه الأيام الباردة جدًّا. ومع احترامنا وتقديرنا لحرية الولايات الأمريكية في اتخاذا مختلف قراراتها التي تخدم نظامها ومصالحها، فلقد بترت يد «سيدة الحرية» التي تشمخ في وطنها رافعة شعلة الحرية.. فأين الحرية التي ترفع شعلتها وتنادي بها لشعوب العالم، بل تتدخل فيما تتخذه بعض الدول من قرارات من أجل أمنها واستقلالها؟! قمة التناقض (يا عم سام) ما يحدث في وطنك..؟! لذا يجب أن يقول للعالم كل العالم، بل من خلال (الأمم المتحدة) التي يحتضنها وطنك، وعلى بعد خطوات كما يقال من تمثال «سيدة الحرية».. نعم، يجب أن يقال لها «لا يا أمريكا، وأين أنت يا مستر سام؟! هل خلدت للنوم والاستكانة، أم أن الشيخوخة قد أصابتك بالوهن والضعف، وربما أصابتك ما أصاب البعض من العجائز من فقدك الذاكرة، ولن نقول (الزهايمر)؛ فتركت الحبل على الغارب لمن يناقض مبادئ وقيم بلادكم التي تأسست على مبادئ الحرية والديمقراطية للجميع، ودون استثناء..؟!».