عبد الله باخشوين
.. لا أذكر من هو السياسي المخضرم الذي انتقد الرئيس الأمريكي ترمب قائلاً:
- إنه لا يفهم في السياسة..؟!
والحق أن هذا الكلام على قدر كبير من الصحة.
لأن الرئيس الأمريكي يعبر عن أفكاري بطرق وأساليب مباشرة.. لا تخلو من الحدة أحياناً.. وهذا ((غير مألوف)) في ((لغة)) الساسة المخضرمين الذين يتحاشون طرح أفكارهم بأسلوب مباشر.. وبخاصة تلك الأفكار التي قد تثير ردود أفعال حادة في الداخل والخارج.. أي أنهم يلجئون للأساليب (الدبلوماسية).
ويعتمد أكثرهم ببلاغة تحمل أكثر من معنى واحد.. وتحتمل أكثر من تأويل.. تلافياً للحرج وحفاظاً على القدرة على المناورة.
ويعمد بعضهم البث في (الأمور) والبدء بخطوات التنفيذ من ثم يقول ما لديه بنفس الطريقة التي تحافظ على التوازن.
لذلك لا تجد لدى الرئيس السابق باراك أوباما أي تصريح قاطع ومباشر يعطي معنى محددا تجاه أي قضية من القضايا التي تناولها -فيما يتعلق بالقضايا التي تهم الدول الصديقة والحليفة لأمريكا- لأنه يعمد للتمويه ويقدم التبرير على القرار.. وبطريقتنا الشعبية نقول إنه جاء وراح دون أن يستفيد منه أحد.
ونحن كعرب ربما يعجبنا كثيراً أسلوب طرح الرئيس ترمب.. بحكم حاجتنا إلى التعامل بصراحة وصدق في كل ما يتعلق بالملفات الشرق أوسطية التي لا تخلو من التعقيد مثل تهديدات إيران ومستقبل وجود عناصر داعش بعد القضاء على قدراته العسكرية إلى قرارات حاسمة ومباشرة يطمئن الأصدقاء لفاعلية تنفيذها.. والرجل واضح وصرح منذ البداية في كل ما يتعلق بالإرهاب بما يؤكد على إستراتيجية العلاقة السعودية- الأمريكية ورؤيتها الموحدة لهذا الملف بمختلف تشعباته.. غير أن هذا الأسلوب المباشر للرئيس ترمب ما زال يثير الجدل داخل أمريكا وخارجها وهو جدل كان يمكن لأساليب (الساسة) المخضرمين أن تتجاوزه بطرحه بمبررات وتنفيذه بأساليب مرحلية وغير مباشرة.
غير أن المريح في أسلوب الرئيس ترمب يأتي من كون تصريحاته والخطوات التي بدأ باتخاذها.. ليست بعيدة عن برنامجه الانتخابي.. لكن في المرحلة المقبلة هل يعمد الرئيس ترمب إلى تخفيف حدته ويحمل تصريحاته تلك الدبلوماسية التي (تعجب) الشارع المعارض لسياسته.
يقيني أن ذلك سوف يتم من خلال ممارسات الساسة المتمرسين الذين قام باختيارهم للخارجية والدفاع وغيرها.
وهذا الأشكال الذي يواجهه ترمب منذ البداية.. دون إعطاء الرجل فرصة كافية لبدء العمل بطريقة تشكل إنجازاً.. ويشترك فيها كل من قد يتضرر.. وكل من يظن أن الضرر سوف يطاله وعلى غير وجه حق في الاعتراض.. لأن قرارات الدول الحاسمة والمهمة لا بد أن تجد لها معارضين.. حتى وإن كانت نتائجها النهائية سوف تكون في مصلحتهم.. بقدرتها على تحقيق معادلة الاستقرار في عالم شديد الاضطراب والتناقض -الأمر الذي يتطلب من كل رجال البيت الأبيض عدم التحمس من الصوت العالي للإعلام المضاد.. ليأخذ الرئيس الفرصة الكافية للعمل خلال الثلاث سنوات والشهور العشرة من المرحلة الأولى لتوليه الرئاسة.