صيغة الشمري
يبدو أننا نعيش في كوكب آخر غير الواقعي، وكأننا بدأنا نتأثر بالعالم الرقمي وصرنا نفضل العالم الافتراضي على عالمنا الحقيقي وخرجنا عن واقعنا كثيراً، ويبدو أنّ هذا التأثير كان حاضراً في عقول وأفئدة الذين يعتقدون أنّ الترفيه في بلادنا ليس بحاجة ماسة لهيئة للتخفيف من حدّة الانغلاق الذي يعيشه مجتمعنا، أيضاً للحد من هدر مليارات الريالات التي يصرفها السعوديون في بلدان العالم بحثاً عن الترفيه، نقص أماكن الترفيه في السعودية يمثل مشكلة حقيقة اكتشفها الذين أقروا هيئة الترفيه، وهي خطوة أولى في طريق الألف ميل، والذين تم وضعهم كمسؤولين عنها سيواجهون صعوبات جمة على كافة الأصعدة والمستويات، طريقهم غير معبّد ومليء بالكثير من الأشواك، طريق يحتاج لعقول حكيمة وشجاعة وتمتاز بالصبر والإيمان بالهدف الأسمى، يجب النظر لهيئة الترفيه على أنها مشروع وطني لحماية المجتمع من انتشار ثقافة الموت وتغليبها على ثقافة الحياة، مشروع وطني وإنساني لحماية الأجيال من خطر الانغلاق واختطاف التطرف لعقولهم، تغليب الترغيب على الترهيب، حاجة ملحّة لحماية المجتمع من الذين يضيقون واسعاً علينا وهم يتوسعون في حياتهم بين روابي دولة تركيا وغيرها من الدول التي تتيح لهم كافة وسائل الترفية والرفاهية، مقابل أجندة يحملونها إلى مجتمعنا هدفها إغلاق المجتمع وضغطه، وإثارة البلبلة بين صفوفه لشق الصف الداخلي للوطن، لهذا يجب علينا الصبر على هيئة الترفيه والتغاضي عن أخطائها أو أخطاء رئيسها وعدم التهويل، من أجل وطن يعاني بشدة من خطر التطرف وفي مواجهة مسلحة مع الإرهاب لا تحتمل أن نقف متفرجين، إنشاء هيئة للترفيه في بلادنا مثل استزراع نوع من الفاكهة في غير بلاده، صعوبات جمة لكن الحصاد يستحق المجازفة والصمود، لذلك لا يجب محاكمة هيئة الترفيه في سنواتها الأولى وخصوصاً أنّ عمرها لم يتجاوز الأشهر، لا يجب حصر أجندتها في قدرتها على افتتاح دور سينما، لدينا ملاحظات كثيرة على أدائها لكن لابد من التفهم لهذه الأخطاء، نظراً لأن المهمة التي يراد منهم القيام بها مستحيلة وتحتاج إلى وقت طويل لتحويلها من مستحيل إلى واقع ملموس، إفشال هيئة الترفيه هو هدف للمتطرفين والجهلاء وعلينا أن نتكاتف لإنجاحها من أجل أجيالنا القادمة.