محمد بن علي الشهري
عايشت الوسط الرياضي ما يقرب من نصف قرن، تعايشت خلالها مع مراحله على كافة الأصعدة، خطوة بخطوة، ورغم كل ما واكبه واعتراه من تطورات ومتغيرات جذرية، بما في ذلك أساليب اللعب، وخطط التدريب وتكتيكاته، ناهيك عن طُرق وأساليب التعاطي مع الأحداث.. إلا أن هناك ممارسات بقيت صامدة صمود الجبال كثوابت ومسلمات، لم تزل، ولم تتبدل، ولم تتزحزح، بل تعزّزت أكثر وأكثر؟!.
منها على سبيل المثال: قناعة أنصار الفرق الأخرى بأن الفوز على الهلال يختلف كلياً في شكله ومضمونه وقيمته عن الفوز على أي فريق آخر، مهما أُحيط ذلك الفريق بالكثير من الهيلمانات والهالات الدعائية، ولا أبالغ إذا قلت ان كسب المواجهة مع الهلال تعتبر بطولة معتبرة لدى البعض تُضرب لها أكباد الإبل، وهو ما أثبتته ووثقته الأيَّام والأحداث.
ومنها: أن لاعبي الفرق الأخرى يستبشرون بقرب مواجهاتهم للهلال لأنهم سيحصلون حتماً على مستحقاتهم المتأخرة، إن لم يكن كلها فجلّها، هذا عدا المكافآت المجزية التي يتم رصدها في سبيل تحفيزهم على الظفر بالغنيمة المرجوّة من أمامه، مع ملاحظة أنها تتساوى الفرق المجتهدة، مع الفرق التي تدّعي امتلاك مقومات منافسته في ممارسة ذلك النهج المتوارث ؟!.
كذلك منها : أن الكاتب الفاشل المنتمي لأي من الأندية الأخرى، أو الكاتب الذي لا يحظى بالقبول في أوساط جماهير ناديه، أو الآخر (المتلون المتمصلح) الذي يتقن اللعب على أكثر من حبل، أو صنوه الإعلامي المرفوض حتى من قِبل أنصار ناديه، إنما يعمدون إلى القدح في الشأن الهلالي كلما أرادوا التذكير بأنهم ما زالوا على قيد الحياة؟!.
هذا قليل من كثير من الحقائق التي لا تكذب ولا تتجمل حيال ما يتمتع به (كبير آسيا وزعيمها) من شأن ومكانة لم تتحقق اعتباطاً، وإنما تحققت بفضل الله ثم بجهود وكفاح وبذل الأجيال المتعاقبة من أبنائه الأفذاذ الذين ضحّوا بالغالي والنفيس في سبيل وضعه في الموقع اللائق به كمؤسسة (رياضية اجتماعية ثقافية) عملاقة شكلاً وموضوعاً، لا شعارات ومسميات لا تتجاوز كونها مجرد حبر على ورق.
غير أن ما يؤسف له حقيقة أن الآونة الأخيرة قد أفرزت عينات من الهلاليين الذين لا يبذلون من الجهد المفترض، ولا من العطاء الواجب ما يكفي للحفاظ على هذه القيمة العالية الغالية وتعزيزها، فضلاً عن عدم استشعار شرف الانتماء للهلال وتمثيله، وأعني بالدرجة الأولى أولئك الذين يلتحفون النجومية، بدليل مرور خمسة مواسم متتالية لم يحقق فيها الزعيم لقب الدوري وهو لقبه المحبب والمفضل، رغم وفرة المقومات والإمكانيات الكفيلة بتحقيقه؟!
رسالة قصيرة جداً جداً
إلى كل هلالي:
من يعتقد أن فارق النقاط الأربع في هذه المرحلة بالذات من الدوري كاف للحصول على اللقب فهو واهم، واهم.. ذلك أن الجولات المتبقية من الدوري حبلى بالمتغيرات والاحتمالات.. وتبقى على الجماهير مسؤولية لا تقل بأي حال عن مسؤولية اللاعبين والمدرب والإدارة، ألا وهي ضرورة الحضور والدعم والمؤازرة دون كلل أو ملل، فلا وقت للتقاعس أو التثاؤب إن هي أرادت بلوغ الغاية.