إبراهيم عبدالله العمار
عزيزي القارئ، هل تريد أن تعرف ما هو سهل؟ العبوس. التذمر. التشاؤم. هذه أشياء بالغة السهولة يستطيعها أي شخص، بل إن لها لذة عند الناس.
ما هو أصعب من ذلك هو مداومة الابتسام رغم المتاعب. التفاؤل الكثير رغم تشاؤم الغير. الإيجابية في كل شيء حتى لو لم يجد الشخص هذا في نفسه، لكن يُعوّدها.
هؤلاء الناس عظماء. مروا علي لكن لم أكترث بهذا في صغري، بل ربما كان هذا يضايقني قليلاً كما يشعر الكثير من الناس! لماذا الإيجابيون المبتسمون الذين لا يتشكّون يضايقون بعضنا؟ ربما استكثار إيجابيتهم «المفرطة» (وهي ليست مفرطة)، ربما الغيرة من راحتهم من متاعب الحياة (وهذا خاطئ أيضاً)، ربما سبب آخر. لكن لو فكرتَ قليلاً ستجد أن ما يفعله هؤلاء أصعب بكثير مما نفعله نحن إذا تشكينا وتشاءمنا وانتقدنا! إنهم يجدون نفس النزعة التي نجدها نحو السلبية لكنهم يصبرون عليها ويقهرونها. بقدر ما نتضايق منهم أحياناً فإننا نعتمد عليهم ونحتاجهم، في أشد حالات غمنا وخوفنا فهؤلاء هم الناس الذين نبحث عنهم، ويكون كلامهم سكينة وتفريجاً، حتى إذا زال غمنا عدنا لسابق حالنا.
أعرف بعض هؤلاء. ابتسامة دائمة، تفاؤل بالغ، نظرة إيجابية في كل شيء حتى في أصعب المواقف، رغم ما يمر بهم هم نفسهم من آلام وامتحانات وأمراض، مشاكل شخصية ومالية وفقدان أحباب وخوف من المستقبل، لكن لا تعرف هذا لو كلّمتهم، بل تراهم وكأنهم في سعادة يومية لا تتوقف، ما أصعب هذا! إن هذا ليس شيئاً ينزل عليهم ويفعلونه بلا تعب، بل هو شيء شاق يحتاج صبراً وحباً ونفساً عظيمة.. نفسٌ تقاوم الرغبة في التذمر والانجراف وراء المشاعر السلبية والظروف المظلمة، وبدلاً من ذلك تتفاءل في كل شيء مهما عَظُمَ شره الظاهر.
ما أمَرّ الحياة وأصعبها لو لم يوجد هؤلاء. إنهم فعلاً نعمة من الله، وما أحسن حياة البشر لو أنهم حاولوا أن يكونوا مثلهم قدر الإمكان، إذاً لحوّلنا وجودنا هذا إلى جنة صغيرة لا يعكرها شيء.