د. محمد عبدالله الخازم
سأتجاوز مقترحاً يرى إيجابية دمج وزارتي الخدمة المدنية والعمل ضمن وزارة واحدة تسمى وزارة القوى العاملة، وأركز على وزارة الخدمة المدنية الحالية. أطالبها بالتخلص من دور القائم بشؤون الموظفين والتدخل في تفاصيل العمل التنفيذي للوظيفة الحكومية، إلى لعب دور أكبر في التشريع والتنسيق العام للموارد البشرية.
لا ننكر، وزارة الخدمة المدنية لديها جهود نحو تنظيم الوظيفة الحكومية، مثل إعادة طرق تقييم الموظفين أو محاولة تدوير الموظفين وتحديد مساحات المكاتب وغيرها من المبادرات. لكنها - أي الوزارة - تعاني من عدم مبادرتها لنقد ومراجعة ما تقوم به من أدوار، فهي تريد أو تتوقع أن تبادر الوزارات بتقليص كوادرها وتنظيم هياكلها الإدارية وغير ذلك، لكنها لا تبدأ بذاتها.
كمثال على ذلك، توجد لجنة في وزارة الخدمة المدنية اسمها لجنة الابتعاث والتدريب، هي مجرد عبء بيروقراطي إضافي، من وجهة نظري! لأنني أرى الجامعات والهيئات والمؤسسات والمدن الطبية والتعليم وغيرها من القطاعات تبتعث موظفيها بنجاح دون المرور بتلك اللجنة. فئة قليلة ينتمون لنظام الخدمة المدنية يشترط أن تمر أوراقهم بتلك اللجنة. مما يقودنا للسؤال؛ طالما برامج التدريب والابتعاث للموظفين غير المنتمين للخدمة المدنية تسير بشكل إيجابي والجهات المعنية بها راشدة في قراراتها، لماذا فئة قليلة من موظفي الدولة يفرض عليهم هذا الفعل البيروقراطي بالمرور خلال لجنة التدريب والابتعاث بكل تعقيداتها؟
على سبيل المثال؛ وزارات الصحة والحرس والدفاع لديهم أطباء برامج تشغيل ذاتي لا يرجع في ابتعاثهم لوزارة الخدمة المدنية، وأطباء على نظام الخدمة المدنية يشترط أن تعرض أوراق تدريبهم على لجنة الخدمة المدنية للتدريب والابتعاث. تلك اللجنة التي تطبق عليهم شروطاً لا تفرق بين طبيب وغير طبيب أحياناً وتؤخر قراراتهم أشهر عديدة، رغم أن ميزانيتهم من تلك الوزارات والجهات الفنية المتخصصة في مجالاتهم من تلك الجهات. هل تلك الجهات راشدة مع فئة من موظفيها وغير راشدة مع فئة أخرى؟
أصبح المتدرب أو المبتعث يراجع وزارته وفي كل مرة يخبرونه بأن معاملته موجودة لدى لجنة الخدمة المدنية للابتعاث والتدريب، التي يمنع عليه مراجعتها مباشرة. بل، أصبحت اللجنة في بعض الحالات وسيلة تستخدمها بعض الجهات كمبرر لرفض بعض الطلبات بطريقة ملتوية.
سألت بعض مديري التدريب والمستفيدين عن أهداف لجنة التدريب والابتعاث وقناعتهم بها، فلم أجد إجابات مقنعة أو مشجعة لوجودها. ربما لو وضحت الأهداف لأمكن اقتراح بدائل تنظيمية وتقنية حديثة لتحقيق ذلك الهدف. على سبيل المثال؛ ربما يكفي موقع إلكتروني لتسجيل مبتعثي الخدمة المدنية من قبل جهاتهم التوظيفية لإرضاء غرور الخدمة المدنية في الرصد وتعبئة النماذج!
أرجو من وزارة الخدمة المدنية أن تراجع جدوى بقاء بعض لجانها التي تجاوزها الزمن، تخفيضاً للجهود والتكاليف وتقليصاً للبيروقراطية وتسهيلاً للموظفين.