مها محمد الشريف
كشفت عدة تساؤلات أن الحرب لا تتعلق برواج تجارة السلاح وأدوات القتل فقط، أو فكرة انحدرت إلى مستوى الإبادة والعنف المنظم أو نشر كل أشكال الموبقات وعلى رأسها تفشي المخدرات، بما فيها من اعتبارات واستفهامات، هو باختصار تلك الحقيقة التي نراها حين نستوعب المسببات والأهداف السياسية التدميرية، بل غالبا ما يكون الدافع الأساسي للانتقال إلى الحياة والتعايش مع الوهم.
وهكذا يتابع زرادشت رحلته ودعوته ليعبر عن أفكار نيتشه. إذ يعد نيتشه من أعمدة النزعة الفردية الأوروبية حيث يستفاد من هذه الحرب العديد من الأنظمة الدولية المدبرة لذلك وعلى رأسها إيران، فمهما أظهرت للعالم من حسن النوايا ونصرة المظلوم، ووصم كل ما يقابلها بالإرهاب لكي تقوم بأدوار البطولة وتتفرد بالصدارة السياسية والإعلامية للقضاء عليه تحت غطاء دولي يحميها. هي في المجمل مسرحية مكتوبة فصولها بدماء الأبرياء. فيقول زرداشت: «من منكم بمستطاعه أن يضحك ويكون في الوقت نفسه سامياً؟
إن الذي يصعد إلى الجبال الشواهق، يضحك من كل المآسي، مسرحيات كانت أم حقيقية».
هكذا تكلم زرداشت عن الألم، وعن المسرح الكبير. غنيٌ عن التعريف إذن، أن نقول لا سبيل للسلام في حال خطورة الأفكار التي استسلمت للحرب، التي لا ترى في الواقع إلا معطيات غير موضوعية مرتبطة بالتمييز والتفريق بين الأمم، فكيف تعيش الأرواح في أجواء مروعة، وتشارك الآخرين الأخذ والعطاء، وتواجه الخطر وتستجيب لتفاعلات الأحداث التي قسمت أبناء المجتمع الواحد إلى أسس طائفية ومذهبية بعيدة عن المحتوى الإنساني .للتعايش.
من هنا يتبيّن لنا خطر ومعاناة المدنيين على الحدود الفارين من أيدي تنظيم داعش ليصلوا إلى معاناة أكبر تؤكدها الظروف المريرة والقاسية وبؤس النهايات مع شتاء قارص لا يرحم، زمن يركض إلى الخلف نحو منحدر كبير وعميق، مع استمرار المعارك في منطقة الباب السورية لتكون أحد الحلول لنجاة المدنيين، فقد تحتاج هذه التحركات إلى كارثة لتنجح.
قال الجيش التركي في بيان له: «إن طائراته وطائرات من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة نفذت ضربات جوية قرب مدينة الباب السورية التي يسيطر عليها داعش، ويحاصرها مقاتلو معارضة سوريون مدعومون من تركيا منذ قرابة شهرين».
غارات وضحايا تتخطى فلسفة الفعل والقضايا الإنسانية توحي بأزمة عنف فارغة من محتواها. فاقدة لدورها وصورتها الحقيقية في السلام والاستقرار في المنطقة، ما زالت ترصد العنف وتركز على جانب الاضطراب ولا تعير الخسائر النفسية والبشرية اهتماما لا تعبئه بسقوط قتلى وجرحى.
كان يومًا داميًا بالنسبة للجيش التركي في جبهة الباب بريف حلب في شمال سوريا، حيث قصفت طائرة حربية روسية، بالخطأ، جنودًا أتراكًا يشاركون في عملية «درع الفرات» التي تدور معاركها حول مدينة الباب، فقتلت 3 جنود وأصابت 11 آخرين أحدهم بجروح خطيرة أثناء استهدافها عناصر من تنظيم داعش. كما وقع المزيد من الخسائر في صفوف القوات التركية، حيث أعلن الجيش التركي مقتل 5 من جنوده وإصابة 10 آخرين في هجمات لـ»داعش». والأخطاء تتكرر وتزهق فيها الأرواح.
هانحن في مطلع هذا العام نواجه بداية النهايات، وهذا ما يجعلنا جميعا منعزلين أكثر فأكثر رغم الكثرة الدولية، خائفين من نهاية هذه المسرحية تحت الغارات الروسية التي استهدفت قرية الصالحية في ريف دير الزور وشردت المزيد من الشعب وقتلت الكثير من الأبرياء.