تحدث لاعب نادي لخويا القطري النجم المغربي يوسف العربي في حوار صحفي سابق عن تجربته مع كان الفرنسي والهلال السعودي وناديه الحالي -حينها- غرناطة الإسباني حيث قال ما نصه: "النظام مختلف بشكل كبير في تطبيق الاحتراف بين الدوري الفرنسي والإسباني من جهة والدوري السعودي من جهة أخرى، حيث إننا في غرناطة نؤدي حصتين تدريبيتين يوميًا صباحية ومسائية مع التقيد بنظام غذائي معين ومواعيد محددة للوجبات الثلاث فوجبة العشاء عند الساعة الثامنة مساءً وموعد النوم عند الساعة الحادية عشرة مساءً والاستيقاظ في الصباح الباكر، ولكن في السعودية كان هناك مجال للسهر وهذا مؤثر بالتأكيد للاعبين".
وعلى الرغم من مرور أربعة أعوام تقريبًا على حديث العربي إلا أن الوضع يكاد يكون كما هو دون تغيير ملحوظ أو ملموس يمكن قياسه في مستويات معظم اللاعبين في جميع الأندية، هذه الظاهرة أي السهر ليست حكرًا على اللاعبين في الدوري السعودي، بل حتى في بعض الدوريات العربية؛ ففي صحيفة (المصراوي) الإلكترونية في عددها الصادر يوم الثلاثاء 13 ربيع الأول 1438هـ الموافق 13 ديسمبر 2016م تحدث عامر حسين رئيس لجنة المسابقات في الاتحاد المصري لكرة القدم عن مواعيد مباريات مسابقة الدوري المصري ودافع عن تنظيم المسابقة هذا الموسم، مؤكدًا بأن شكوى اللاعبين من الإجهاد في المباريات يعود إلى سهرهم وسوء سلوكهم على حدِّ تعبيره، ومضى عامر في حديثه، مشددًا على أن بعض اللاعبين يسهرون إلى أوقات متأخرة من الليل وما يترتب عليه من سوء تغذية وعدم أخذ قسطٍ كافٍ من النوم والراحة ما يجعلهم يشتكون من الإرهاق.
إن ظاهرة السهر المجرد بحد ذاتها في أوساط اللاعبين تُعد ظاهرة سيئة للغاية لكنها تزداد سوءًا إذا ما صاحبها ما يضرّ بالصحة وفي هذا السياق أشير إلى المقال الشهير الذي كتبه الاستاذ محمد العبدي هنا في صحيفة الجزيرة بعددها 11889 الصادر يوم السبت 8 ربيع الأول الموافق 16 أبريل 2005م وكان عنوانه: (إنهم يشربون)، حيث قال الأستاذ العبدي ما نصّه: "قبيل انطلاقة كأس عام 1998م بفرنسا أعلن في بريطانيا أن المهاجم الكبير والخطير بول جاسكوين عاد للمعسكر ثملاً فتم إبعاده من البطولة.. الإنجليز المعروفون بشغفهم وولعهم بالنجوم وجدوا العذر للاتحاد والمدرب في إبعاد اللاعب لأنه لا يجتمع أداء متميز ونجومية وخمر، أولئك تعاملوا مع ذلك الموقف بصراحة وشفافية بالرغم من أن الحانات في كل شارع وحيّ لأنهم يدركون أن القضاء على السلبيات يجب أن يبدأ بالاعتراف بوجودها ووجودها، مثل حادثة الكابتن الإنجليزي تتكرر في كل المجتمعات التي تريد القضاء على السلبيات وعلاجها وإيجاد السبل الكفيلة بالقضاء عليها". ثم مضى العبدي في شرح أهمية الوضوح والشفافية حيال الممارسات الخاطئة من بعض اللاعبين في الدوري السعودي ممن هم على شاكلة جاسكوين مطالبًا بمعالجتهم على غرار ما فعله الأسطورة الأرجنتيني دييغو مارادونا.
كل لاعب - بل كل شخص - يتمرد على ما فطره الله عليه ويسلك الطرق المحفوفة بالمخاطر والضرر على صحة البدن والعقل فإن مصيره المعاناة والخذلان طال الزمن أو قصر، وما دامت هذه هي الحقيقة فلماذا يصرّ بعض اللاعبين في عالمنا العربي بصفة عامة على سلوك تلك السُبُل؟! لستُ هنا في موضع الوعظ والإرشاد ولكنني أناشد أخوتي وأحبتي وأعني بهم كل لاعب مسلم يعتز بالتمسك بتعاليم دينه دون إفراط أو تفريط مذكرًا إياهم بأن العمر الافتراضي لهم في عالم المستديرة هو عمرٌ قصير ولا يستحق تضييعه بتصرفات قد تكون ممتعة لحظتها لكنها مؤلمة على المدى البعيد، أخوتي وأحبتي.. لقد حباكم الله سبحانه وتعالى الموهبة ورزقكم أموالاً طائلة من وراء العقود الاحترافية أسأل الله أن يبارك لكم فيها فلا تضيعوا هذا الرزق بأيديكم ما دامت الكرة في ملعبكم وما دمتم قادرين على العطاء، وتأكَّدوا بأن الصحة لا تدوم إذا أُهملت ومرحلة الشباب لن تستمر فاستفيدوا من تجارب من سبقكم وكيف أصبحوا الآن فاتخذوا من الناجحين قدوة وممن لم يُوفقوا عظة وعبرة. والله من وراء القصد.
* * *
** المدرج الهلالي الكبير وهو يتطلع إلى معشوقه الفريق الأزرق متأملاً منه الحصول على بطولة دوري جميل للمحترفين ليذكر بالشكر جهود سمو رئيس نادي الهلال الأمير نواف بن سعد وعمل الجهاز الفني والإداري والوقفات المشهودة من أعضاء الشرف لكنه يحمل في قلبه الكثير من العتب - عتب المحب - على كثير من اللاعبين بسبب التفريط في بعض المباريات، وبغضّ النظر عمّا آلت إليه نتيجة مباراة الهلال مع الفيصلي كون هذه السطور كُتبت قبل بداية المباراة إلا أنه يجب على لاعبي الهلال أن يستشعروا خطورة المرحلة الحالية خصوصًا أن المنعطف الأخير للمسابقة بات على مرأى من النظر وأن يدركوا بأنهم لا يرتدون قميصًا لفريق عادي، فلئن كان الابتعاد عن لقب الدوري خمسة مواسم أمرًا عاديًا بالنسبة لبعض الفرق الجماهيرية فإن الوضع في الهلال يختلف تماما، لأنهم يعرفون أكثر من غيرهم بأن المعادلة الهلالية تقول بأن مرور موسم دون بطولة يعد كارثة كروية لا تغتفر، هذا قَدَركم يا أعزائي نجوم الهلال فكونوا أهلاً للمسؤولية وعند حسن ظن جماهير فريقكم بكم، كما يجب عليكم توخّي الحذر من الإفراط في السهر ففي وظيفتكم كلاعبين محترفين لا تنطبق عليكم المقولة الشهيرة بل ليكن شعاركم من الآن فصاعدًا: من طلب العُلا والدوري نام الليالي وأخذ كفايته من الراحة، عسى أن تكلّل الجهود الزرقاء بالفوز في كافة الاستحقاقات وعلى دروب زعيم آسيا وفخرها دومًا نلتقي.
- محمد بن سالم السالم