د. محمد عبدالله العوين
في تصريح جديد للمشرف على برنامج "حساب المواطن" مستشار وزارة العمل والتنمية الاجتماعية المهندس ماجد العصيمي أكد على عدم وجود حد أعلى للتسجيل في حساب المواطن الذي كان يقف سابقا عند 20160 ريال!
مبينا أنه لا يوجد سقف أعلى لدخل الأسرة، وسيحدد المستحق لاحقا بعد أن توضع سياسة البرنامج، وإنما وضع 20 ألف ريال كحد أعلى - والكلام له - كمثال توضيحي أثناء عرض الميزانية".
وقال العصيمي: "اليوم أي مواطن كانت حالته الاقتصادية، أيا كان دخله، أيا كانت حالته الاجتماعية، أيا كانت حالته الوظيفية، سواء عاطلا أو متقاعدا، أو يعمل، المطلوب من الجميع التسجيل وإضافة البيانات، وحينما يتم إقرار السياسة يتم إبلاغه إن كان مستحقا".
ومع التقدير الكبير لأهداف البرنامج الخيرة التي نأمل أن تساعد ملايين من المواطنين على تحمل ولو جزء مما يتوقع أن يكون ثقيلا على كواهلهم ؛ بسبب الزيادات المنتظرة التي سيتم إقرارها على أسعار الطاقة ؛ إلا أن الهدف النبيل الذي وضع من أجله البرنامج يكاد يكون الآن غائما أو غامضا أو أن الصورة في أذهان واضعي خطته غير مكتملة بعد تناقض التصريحات عند إطلاق البرنامج بتأكيد الحرص الشديد على التقيد التام على من تزيد دخولهم من الأسر على 20 ألفا بعدم التسجيل، ثم التصريح الأخير بإطلاق التسجيل للجميع بدون قيود على دخل الأسر!
من المستهدف بالمساعدة إذا كانت الدعوة موجهة لجميع المواطنين، بمن فيهم التجار والأثرياء وأصحاب الدخول العالية جدا؟!
لم تتم دعوة الطبقات الثرية للتسجيل؟ وهل يدور في خلد وزارة العمل والتنمية الاجتماعية أن كبار رجال الأعمال وأصحاب الثروات في البلاد بحاجة إلى "طفسة" شهرية لا تساوي في حساباتهم شيئا؟!
وإذا كانت حاجة الطبقات الغنية الفاحشة الثراء في المجتمع غير واردة إطلاقا في مخيلة أدنى من يملك حسا اجتماعيا في فهم تراتب الطبقات الاجتماعية ؛ فما جدوى إطلاق الحساب لجميع المواطنين بمن فيهم الأثرياء وأصحاب الدخول العالية التي تصل إلى الملايين أو مئات الآلاف في الشهر؟!
وكأن البرنامج يناقض نفسه بعد إطلاق التسجيل للجميع ؛ فقد حدد بصورة قاطعة وضيقة ومضيقة سقف كل شريحة من الشرائح الخمس التي ستستفيد من الإعانة، وبالغ في تضييقه على الشرائح التي تحتاج إلى العون من الطبقات الفقيرة والمتوسطة بجعل المعيار "دخل الأسرة" لا دخل "رب الأسرة" وتعمد جمع دخل الأب مع الأم مع الأبناء إن كانت لهم دخول ؛ ليصل المجموع بعملية حسابية سريعة إما إلى الحرمان من الإعانة أو الحصول على نزر يسير منها لا يبل ظمأ ولا يسد جوعا أمام غول الغلاء والارتفاع المتوقع في أسعار الطاقة وضعف الرواتب بصورة عامة وركود الحركة الاقتصادية بصورة مريعة وكأننا في كساد، فقد ضعفت القيمة الشرائية، وتراجعت حركة بناء المساكن، وأصبح المقاولون والعمال يتمنون أي طلب للعمل، وتراجعت مبيعات الأراضي إلى ما يقرب من النصف، وهبط مؤشر الأسهم الذي يترنح منذ سنوات .
أمام هذه الأوضاع الصعبة يتم احتساب دخل الأسرة! لا حساب كل مواطن على حدة كشخصية مستقلة تحتاج إلى نفقة ومعيشة وتستهلك كل شهر مبلغا من المال قل أو كثر ؛ وكأن الإنفاق على الأسرة - بمعيار حساب المواطن - قَطَة، يسهم جميع من لهم راتب في تقاسم تكاليف المعيشة وتسديد الفواتير ومتطلبات الحياة؟! والحق أن الزوجة براتب أو بدون راتب لا تنفق إلا على نفسها، وكذلك الابن أو البنت، بل إنهم جميعا يحتاجون إلى "الأب" كي يساعدهم.
إن الأولى إعانة كل مواطن حسب دخله، لا بحسب دخل الأسرة، وإن المنطق أيضا أن يوجه الحساب إلى المحتاجين فقط ؛ فما حاجة الأثرياء إلى المبلغ الزهيد الذي يعد به الحساب قياسا إلى ثرواتهم الباهظة ودخولهم العالية؟!
وإذا كان البرنامج سيخرجهم من الحساب لاحقا ؛ فلم يدعوهم إذاً؟!