سلمان بن محمد العُمري
من الصعب الحكم على دور شبكات التواصل في التنمية في دول الخليج على حدٍّ سواء؛ فبكل تأكيد على إن الاستفادة من التقنية بوجهٍ عام، وشبكات التواصل بشكلٍ خاص، يتباين ويختلف من بلد لآخر. ويمكن أن نستثني بلداً خليجياً واحداً، استطاع توظيف شبكات التواصل في أداء الخدمات بوجهٍ شبه عام انطلاقاً مما يسمّى التحوّل للحكومة الإلكترونية.
وأما لدينا في المملكة العربية السعودية فإنّ الأمر بحسب الجهة الحكومية واجتهاد المسؤول فيها؛ فهناك مؤسسات حكومية أصبحت رائدة في هذا المجال، وأخرى لا تزال في أوّل السلّم.
ويمكن القول إن المؤسسات الخاصة والقطاع الخاص تفوّقت على الأجهزة الحكومية في استخدام التقنية وشبكات التواصل في التواصل مع الجمهور تسويقاً وخدمات، وأصبحت المؤسسات تتنافس على الظفر بالعملاء من خلال تحسين سبل التواصل؛ لأنها إن لم تنفذ ذلك ستخسر حضورها في السوق.
ولا أعتقد أنّ هناك تحدّيات تواجه القائمين على الأجهزة الحكومية؛ فشبكات التواصل سوف تقلل الجهود، والتكاليف والجوانب المادية غير مكلفة، والفرص مهيّأة، ولدينا الأمور المادية والفنية متوافرة، وكل ما تحتاج إليه العزيمة والإرادة. ومن العوائق نرى المسؤولين في الكثير من الأجهزة الحكومية لا يتعاطون التقنية بالأسلوب الأمثل؛ ولذلك فهم يريدون أن تستمر الخدمات بشكل تقليدي من خلال الأوراق والتوقيعات والرجاء و(حب الخشوم)!!
إن القرار إن لم ينبع من الذات في السعي بالارتقاء بالخدمات والتنمية فإنّ الأمر يتطلّب تدخُّل القيادة في إصدار أوامر حازمة بتحديد مدّة زمنيّة للارتقاء بالخدمات عبر التقنية؛ لتسهم في التنمية.
لقد استغل أصحاب الفكر الضال كما استغلّت الاستخبارات العالمية هذه الوسائل في الترويج للأفكار السيّئة، ولإثارة البلبلة والقلاقل، وزعزعة المجتمعات، وغرس الفتنة، وتقسيم المجتمعات، وزرع الثورات.. وهي ميدان خصب لهم ولأمثالهم. وما لم تشغل بالمنافع توجيهاً وإرشاداً، وقبل ذلك تحصيناً، فإنها ستتحوّل لأدوات هدم.
لقد أسهمت التقنية والإنترنت في صنع أحداث، وقلبت موازين، وأحدثت تغيّرات سياسيّة واجتماعيّة واقتصاديّة في مدة يسيرة، وأصبحت وسائط التواصل أداة طيعة في يد الصغير والكبير والعالم والجاهل والناصح الأمين والحاسد المشين.. ولقد رأينا أنّ أصحاب الفكر الضال اخترقوا الحواجز، ووصلوا لشبابنا عن طريق التقنية، وهناك الكثير من الشواهد التي استغلّوا فيها العاطفة والحماس في الاستحواذ على الشباب. والواجب ليس التّصدّي والمعالجة بل المبادرة بتقديم ما يحمي شبابنا وبلادنا من أهل السوء وما يقربهم إلى دينهم ووطنهم ومجتمعهم.
ولا تقل الخدمات وتسخيرها عن الفكر؛ فكلما تم تيسير الخدمات عبر التقنية، ووجد الشباب وغيرهم ما ينشدونه بيسرٍ وسهولة، عزّز ذلك انتماءهم، وقلّل من احتقانهم، وصرفهم عن السخط، بل الأخطر من ذلك جنبهم اللجوء إلى مواقع الخدمات العالمية التي لا تخلو من روابط هدم، وتكون وسيلة جذب للاحتواء.