الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
شددت دراسة علمية على تفعيل الدور الوقائي الذي يسبق وقوع الجريمة الإلكترونية وذلك من خلال تفعيل دور المؤسسات التوعوية (التعليم، الجامعات، المسجد، الأسرة، أجهزة الإعلام) وذلك للتوعية بخطورة الجرائم الإلكترونية على الأسرة والمجتمع والسعي في تقوية الوازع الديني.
وأكدت الدراسة على أهمية التنسيق وتوحيد الجهود بين الجهات المختلفة: التشريعية، والقضائية، والضبطية، والفنية، وذلك من أجل منافذ الجريمة الإلكترونية قدر المستطاع، والعمل على ضبطها وإثباتها بالطرق القانونية والفنية.
ودعت الدراسة التي قام بها الباحث / خالد بن محمد القرني في إطروحته المعنونة بـ «القذف بواسطة الرسائل الإلكترونية وعقوبته في النظام السعودي - دراسة تأهيلية تطبيقية» ونال فيها درجة الماجستير من جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، دعت الدراسة إلى تشكيل لجان متخصصة في الجرائم الإلكترونية، لمواكبة ومتابعة ما يستجد منها وتشجيع المؤسسات العلمية، ومراكز البحوث، والباحثين لإجراء الدراسات المتعلقة بتحديد حجم الجرائم المعلوماتية في المملكة، مع عقد الندوات والمؤتمرات التي تسهم في دراسة الجرائم لتحديد أبعادها المختلفة وحجمها الحقيقي، وآلية مواجهتها.
وأكدت الدراسة على ضرورة الانضمام إلى المعاهدات الدولية التي تعمل على زيادة التعاون والتنسيق بين الجهود التي تبذلها دول العالم في مكافحة الجرائم المعلوماتية، ونشر الوعي لدى أفراد المجتمع بخطورة جرائم الشبكة العالمية، وتنمية الوازع الديني وتبيين الحكم الشرعي فيها، وتطوير أجهزة التحقق بما يكفل مصداقية وصحة الدليل المادي المستخلص من الشبكة العالمية.
وطالبت الدراسة منح سلطات الضبط والتحقيق الحق في إجراء تفتيش وضبط أي تقنية خاصة بالجريمة الإلكترونية تفيد في إثباتها، على أن تمتد هذه الإجراءات إلى أية نظم حاسب آلي آخر له صلة بمحل الجريمة، مع أهمية تفعيل دور المجتمع المدني والمؤسسات للقيام بدوره التوعوي والوقائي من الوقوع في براثن الرذيلة والممارسات الخاطئة، وإعداد أنظمة ضبطية وقضائية مؤهلة في التعامل مع الجرائم الإلكترونية، وتفعيل مؤسسات التعليم لتقوم بإدخال البرامج التعليمية المناسبة، وتوعية التلاميذ والطلاب بآثار الإنترنت وتعريفهم بكيفية الاستفادة من النافع منها وتجنب الضار.
وكانت الدراسة خلصت إلى مجموعة من النتائج تتمثل في أن الشريعة الإسلامية شريعة ربانية المصدر، صالحة لكل زمان ومكان، فالشرعية صانت الأعراض وحفظتها ورعتها بصور كثيرة، حتى عدتها من الضروريات التي أمرت الشريعة بحفظها وصونها، وكذلك تميز المملكة في مواجهة هذه الجرائم من الناحية النظامية عامة والجنائية خاصة، مع ضعف التعاون الدولي في مجال الجرائم المعلوماتية.
وأوضحت الدراسة أن الجريمة في الشبكة العالمية لها خصائص مشتركة وخصائص منفردة عن الجريمة التقليدية، وأن المجني عليه في القذف في الفقه يختلف عن المجني عليه في القانون، وأنه لا بد لجريمة السب والقذف في الشبكة العالمية من توافر الأركان العامة للجريمة، وهي الركن الشرعي، والمادي، والمعنوي، مشيراً إلى أن الجرائم المعلوماتية تحتلف عن الجرائم العادية في أسلوب ارتكابها وشخص مرتكبها والوسيلة المستعملة في ارتكابها، وهي من الجرائم الصعبة الاكتشاف كما أنها تحتاج إلى خبراء مختصين في التحقيق فيها لأن المجرم لا يترك أثراً عند ارتكابها، كما أن الجرائم المعلوماتية كثيرة ومتشعبة فمنها ما يتعلق بالمساس بالحق العام ومنها توجد فيها اعتبارات شخصية وتتعدد صور ارتكابها بين الإرهاب والمخدرات والإتجار بالبشر إلى السب والقذف والقرصنة والجرائم المادية واختراق المواقع ومنها ما يشكل جناية خطرة وتندرج لتصل إلى الجنح وهي جرائم يصعب حصرها مع التطور الكبير والتنوع والابتكار في أسلوب ارتكابها.
وأبانت نتائج الدراسة على أن من أبرز القضايا المصاحبة لثورة الإنترنت المحافظة على خصوصية المتعاملين بهذه الشبكة، كما أن التعاملات المرتبطة بتقنية المعلومات كغيرها من مجالات الحياة يجب أن تخضع للأحكام الشرعية المستمدة من الكتاب والسنة، وفي ضوء تلك الأحكام تقوم الجهات المعنية بوضع اللوائح المحددة لحقوق والتزامات الأطراف المختلفة، كما تقوم الهيئات القضائية والأمنية والحقوقية بتنزيل تلك الأحكام واللوائح على القضايا المختلفة، وفض النزاعات الناتجة عنها، مؤكدة على أن القذف هو رمي بالزنا أو نفي النسب، وهو محرم بالإجماع، ومن كبائر الذنوب ولا خلاف بين الفقهاء أن عقويته ثمانون جلدة، وأن شهادة القذف لا تقبل ما لا يثبت، وأن الغالب في حد القذف أنه حق للآدمي، لكونه لا يستوفي إلا بطلبه وهذا بالإتفاق، وذلك يحق للمقذوف العفو عن القاذف ولو بعد بلوغه الإمام.