كتب - محمد المنيف:
شعور فخر واعتزاز انتاب التشكيليين، بمناسبة تكريم الفن التشكيلي في حضرة خادم الحرمين الشريفين ومنحه -حفظه الله- للفنانة صفية بن زقر وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى شعور لا تحده حدود ولا يجاريه شعور مزج بحب المليك والوطن، وسام غالٍ حمل اسم مؤسس أبقى حب أبناء الوطن له من جيل إلى جيل، تسلمتها الفنانة صفية من يد كريمة لزعيم عطرت سيرته بحبّ الشعب، ورعاية العلم والعلماء والمبدعين.
لقد أحيا هذا الوسام والتكريم وبهذا المستوى الرفيع وفي مهرجان وطني السعادة باستعادة ولو بعض من مسيرة وقصة هذا الفن مع هذا المهرجان السنوي المتميز الذي أصبح كما قال خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- عند لقائه بضيوف (الجنادرية 31)، (الجنادرية مَعْلَم إشعاع ثقافي يجمع أبناء الوطن ومناطقه بتنوع تراثها وفنونها في صورة حضارية).
لنعود عبر واحد وثلاثين عامًا من عمر المهرجان المديد الذي يعد من أهم سنوات عمر الفن التشكيلي نتيجة ما حظي به هذا الفن من الاهتمام منذ انطلاقة المهرجان الوطني للتراث والثقافة، ومع أول عام 1405 هـ - 1985 م التي أقيم له فيها مساحة خاصة في رواق خيام ضمن ما كانت عليه، بقية الأنشطة التراثية والثقافية في ذلك العام، دعي للمعرض نخبة من التشكيليين من مختلف مناطق المملكة أغلبيتهم من رواد بدايات الفن التشكيلي الأوائل منهم الفانون الرواد الراحلون: محمد السليم وعبد الحليم رضوي وعبد الجبار اليحيا، ليستمر هذا الاهتمام بهذا الفن في قادم السنوات ويعطى نصيبه من التطوير الذي شمل كل الفعاليات والأنشطة والإنشاءات المعمارية بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز رئيس الحرس الوطني -رحمه الله- وبإشراف من صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن عبد العزيز نائب رئيس الحرس الوطني -رحمه الله-، وبمتابعة متواصلة من صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله وزير الحرس الوطني رئيس اللجنة العليا للمهرجان ما زال يزيد المهرجان تألقًا.
الفن التشكيلي في حضرة الملك
إن النقلة الكبيرة بين ما كان عليه الفن التشكيلي في المهرجان وما يتحقق له من اهتمام وحرص في كل عام وصولاً إلى العرس التشكيلي والاحتفاء به من رأس هرم الوطن وملكه بموافقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز على ترشيح الأمير متعب بن عبدالله بن عبد العزيز وزير الحرس الوطني رئيس اللجنة العليا للمهرجان ليكون الفن التشكيلي في حضرة الملك مكرمًا بوسام الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه- ممثلاً هذا الفن في الفنانة التشكيلية صفية بن زقر تكريمًا تستحقه الفنانة صفية بكل جدارة لتشارك بحضورها التشكيلي بقية من كرّموا من أعلام الفكر والأدب والإعلام والفنون الأخرى.
ولا شك أن وسام باسم المؤسس ومن يد رجل الحزم والعزم يعد تاجًا على رؤوس التشكيليين السعوديين عامة سيكون محفزًا لمشوار من الإبداع ويزيدهم اعتزازًا بفنهم الذي تجاوز عمره ما يفوق ستين عامًا، فكان الوسام بمنزلة الشاهد على أن للفن التشكيلي مكانته وقدره مكملاً ما يتلقاه هذا الفن من مختلف المؤسسات الرسمية التي يعد الحرس الوطني في مقدمة من بدء احتضان اللوحة التشكيلية من خلال تجميل مبنى الوزارة مواكبًا افتتاحه المبنى عام 1401هـ وصولاً إلى اعتماد الفن التشكيلي رافدًا من روافد مهرجان الوطني للتراث والثقافة في الجنادرية الذي رفع من شأن الفنانين والفنانات في وطننا الغالي واعتبر رافدًا تراثيًا وثقافيًا.
الأمير متعب بن عبدالله والفن التشكيلي
إن ترشيح الفن التشكيلي لمنحه هذا الوسام الرفيع لم يكن أمرًا مستغربًا أو جديدًا من وزارة الحرس الوطني ومن صاحب الفضل بعد الله صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله وزير الحرس الوطني ورئيس اللجنة العليا للمهرجان الذي أعلم ويعلم كل التشكيليين مدى اهتمامه بالفن التشكيلي، كما هي اهتماماته بكل الفنون التي أخذت نصيبها في المهرجان، فسموه الكريم لا يتردد في حضور المعارض التي تقام في الصالة التي كانت مخصصة لهذا الفن لتشجيع الفنانين وتقدير جهودهم ما أبقى أثره الكبير في نفوسهم من كل الأجيال التي مرت وشاركت في معارض المهرجان، مع ما شمل به سموه هذا الفن من صالات عرض حديثة أسوة ببقية المؤسسات في الدورات اللاحقة للمهرجان، كان للفن التشكيلي نصيبًا منها بعد أن كانت اللوحات تعلق على أروقة الخيام أصبح أكثر أمنًا من الريح والغبار في رواق بيت شعبي احتضن أعدادًا كبيرة من اللوحات وسهلت مهمة الجمهور للاطلاع عليها، بعد ذلك تواصل الاهتمام إلى بناء صالة مستقلة لهذا الفن أعدت إعدادًا متقدمًا وحملت اسم الفنون التشكيلية واشتملت على كل تفاصيل تصميم سبل العرض والإضاءة وبقية مستلزمات عرض الفنون وإقامة الورش الفنية التي تنوعت وتعددت من عام إلى آخر، أقيم في تلك الصالة عديد من المسابقات في كل دورة من دورات المهرجان كان أبرزها المسابقة التي قدمت فيها ثلاث سيارات للفائزين الثلاثة منهم الفنان طه صبان وعبدالله الشيخ مع ما تضمنته فعاليات الفنون التشكيلية من ندوات ومحاضرات شارك فيها نقاد من المملكة والدول العربية.
الفن التشكيلي في بيوت المناطق
بعد مرور عديد من الدورات وما طرأ من تحول في كيفية تنوع الأنشطة وفتح مجال المنافسة الوطنية التي ترتقي بفكرة المهرجان تم تخصيص أراضٍ في موقع المهرجان لكل منطقة من مناطق المملكة أطلق على كل منشأة فيها مسمى (بيت) مثال ذلك (البيت الحائلي والبيت العسيري والقصيمي إلى آخر المنظومة)، وجد الفن التشكيلي فيها مساحات تتناسب مع ما يشتمل عليه كل بيت فخرجت لنا لوحات وأسماء جديدة في كل مهرجان يستلهمون موضوعات لوحاتهم من مصادر الإلهام التراثية والبيئية في مناطقهم حققت الفكرة نجاحًا منقطع النظير في جانب زيارة الضيوف ومرتادي المهرجان بعد أن كانت صالة الفنون التشكيلية منعزلة أو لا تتلقى إلا المهتمين بهذا الفن.
هنيئًا للفن التشكيلي بهذا التكريم وهنيئًا لهم بهذا المهرجان الوطني.