جاسر عبدالعزيز الجاسر
قول خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مخاطباً ضيوف مهرجان الثقافة والتراث "الجنادرية" من العلماء والمفكرين والأدباء والإعلاميين "بأن الحفاظ على هويتنا العربية والإسلامية وتراثنا وثقافتنا وأصالتنا من أوجب واجباتنا وأن مكانة كل أمة تقاس بمقدار اعتزازها بقيمها وهويتها".
لهذا القول من قِبل الملك الذي عايش الفكر ومنذ نشأته، فبالإضافة إلى اهتمامه بالكلمة والكتاب وحرصه على متابعة ما ينشر وما يكتب ليس في المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي، بل كل مساحة النشر للفكر والنوافذ الفكرية المتعددة، ليس هذا قولاً مرسلاً ولا تزلفاً، فوالله لي تجارب ومواقف مع المفكر المتابع سلمان بن عبد العزيز، إذ أكثر من مرة ناقشني فيما كتبته واضعاً مبضع جراح الفكر. وبعضاً مما يكتبه الكاتب قد لا يتذكره لكثرة ما يكتبه، والصعوبة أكثر على المتابع والقارئ، ولهذا فالدهشة تصيبني عندما يذكرني القارئ المتابع "سلمان بن عبد العزيز" بمقالات لي لم تحتفظ بها الذاكرة وأعجب أنها لا تغيب عن ذاكرة رجل دولة له من المهام والأعمال، والذي حقق ما يعجز المرء والكاتب عن الإحاطة بها، ومع هذا يصحح ويذكر الكاتب إذ ما مسحت من ذاكرته ما كان قد سطره.
هذا هو الملك سلمان بن عبد العزيز الذي يشعر كل كاتب وكل صحفي بأنه صديق ومشارك، وهو الذي يشعر كل مؤرخ بأنه واحد منه، حتى الشعراء الشعبيون يعدونه واحداً من أهم النقاد، ومثل هذا الملك المتابع والمثقف والمفكر عندما يؤكد بأن "أوجب واجباتنا الحفاظ على هويتنا العربية والإسلامية وتراثنا وثقافتنا وأصالتنا" فإنه يعني ما يقول عن فهم عميق ولما يمثله مهرجان الثقافة والتراث "الجنادرية" من عمق فكري وبعد ثقافي، وليس مجرد فعاليات ثقافية وترفيهية، فمهرجان الجنادرية والذي باستمراره ثلاثة وثلاثين عاماً أرسى وثبت عملاً مؤسسياً لكل العرب والمسلمين وليس للمملكة العربية السعودية، وإن أطلقت المملكة هذه المبادرة فإنها تندرج مع ما تقوم بها من مهام وواجبات فالدفاع وترسيخ هويتنا العربية الإسلامية همّ انشغل به قادة المملكة منذ تأسيسها والذين درسوا وتابعوا جهاد وأعمال مؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن -طيّب الله ثراه- يعلمون أنه كان يضع الحفاظ والدفاع عن الهوية العربية والعقيدة الإسلامية وتنقية السمعة الإسلامية من أهم أولوياته، وكذلك كان يحرص -طيّب الله ثراه- على أن يكون المسلمين أنقياء بعيدين عن انحراف أو تبعية، وعلى سيرته ومنواله سار أبناؤه الكرام، ومهرجان الثقافة والتراث "الجنادرية" مظهر ثقافي وحضاري يتوافق مع ما تقوم به المملكة العربية السعودية من مواقف سياسية واقتصادية وأمنية وحتى عسكرية للدفاع عن الهوية العربية والإسلامية الصحيحة، فالتضحية واتخاذ المواقف الحازمة، وآخرها عاصفة الحزم، وإعادة الأمل اللتان تستهدفان الدفاع والحفاظ على الهوية العربية الإسلامية في اليمن، وقبلها التصدي للعبث الصفوي في سوريا وحتى العراق جانب عملي يكمل العمل الثقافي حفاظاً على نقاء الهوية العربية والإسلامية.