علي الصحن
مثل كل موسم، ينافس على الهلال ويتصدر ويتقدم على منافسيه، ثم تبدأ مرحلة التراجع والبحث عن الذات، وفي كل مرة يبحث الهلاليون عن الأسباب، يقدم كل منهم على كافة الأصعدة رأيه، لكنهم يعدمون الحلول، فتطول المعاناة، ويظل الوصول للقب عصياً، خاصة في ظل وجود أسباب أخرى لا قبل لهم بها مثل أخطاء الحكام وقرارات اللجان.
نُذُرُ ما يحدث للهلال اليوم ليست جديدة، فالهلاليون الحريصون على ناديهم أدركوها منذ سنوات، وحذروا منها في سر وعلانية، وعملوا جهدهم من أجل ألا يترهل فريقهم، ويفقد قوته وإنجازاته ومعها هيبته بين المنافسين، لكن الحلول الإدارية ظلت تعتمد على المسكنات فقط، وجاءت بطولات النفس القصير التي نجح الفريق الأزرق بتحقيقها لتعكس صورة غير الصورة الحقيقية له، وتخدع القائمين عليه وبعض أنصاره بأن الوضع كما يريدون ويتمنون.
في مباراة القادسية الأخيرة بانت المعاناة الهلالية في أسوأ صورها، وهنا لست أتحدث عن النتيجة، فكل شيء متوقع في عالم كرة القدم، لكن أتحدث عن الهلال الذي كان بدلاؤه في مراحل سابقة في مستوى لا يقل عن الأساسيين، أتحدث عن الفريق الذي لم يقدم لاعبوه أي شيء داخل الميدان، أتحدث عن مدرب ضاقت في يده الحلول، فلما التفت إلى مقاعد احتياطه لم يجد من يستطيع أن يكون عونا لخريبين الذي كان يقاتل وحيداً داخل الملعب، أتحدث عن الهلال الذي مازال يجد نفسه مضطراً إلى إشراك سالم الدوسري في كل مباراة رغم هبوط مستواه، وهو إن لفت الأنظار في مباراة غاب في عشر أخرى.
أتحدث عن الهلال الذي لديه أسوأ اللاعبين الأجانب هذا الموسم، فميلسي الذي كان على وشك الرحيل وجد نفسه أساسياً!! وإدواردو الذي يلعب لأنه كان جيداً في أول خمس مباريات في الموسم الماضي، ويبقى ليو لاعباً لا يمكن الرهان عليه لعدم قدرته على صناعة أي فارق في حال غياب صناعة لعب حقيقي.
يردد الهلاليون أن الفرق الأخرى تستعد لمواجهة فريقهم بشكل مختلف عن استعداداتها لمواجهة الفرق الأخرى، وأنها تؤدي بجدية وحماسة ورغبة أكثر مما تظهره أمام الفرق الأخرى، وهذا قدر الهلال وقدر كل الفرق الكبيرة في العالم، فالفوز عليه له معنى وقيمة معنوية تتجاوز الثلاث نقاط... لكن هل هذا الأمر جديد على الهلال ؟ الحقيقة أنه معروف منذ سنوات طوال، لكن الفريق كان قادراً على إسقاط كل منافسيه عندما كانت إداراته تعرف كيف تحافظ على حقوقه، وعندما كان لديه من اللاعبين من يستطيع تجاوز كل الصعوبات والعراقيل.
من المفترض أن تكون حماسة الآخرين أمام الهلال حافزاً للاعبيه في الميدان، وهو ما كان يحدث في السابق، وليس عذراً مبكراً للإخفاق كما يحدث اليوم بتعزيز من بعض الهلاليين الذين يتركون كل أسباب الإخفاق ويرجعون ما يحدث للفريق إلى ما يقدمه الآخرون أمامه.
الهلال اليوم ليس هلال الأمس، وهو أمر لا يريد بعض الهلاليين التعايش معه والتسليم له...
هلال اليوم لا يملك قائداً حقيقياً داخل الملعب، أصبحت شارة القيادة مجرد قطعة قماش يتبادلها اللاعبون دون أن يكون لحاملها تأثير حقيقي على الفريق ولا على ما يحدث له داخل الملعب وخارجه.
هلال اليوم لا يملك العدد الكافي من اللاعبين الموهوبين لتحقيق التطلعات والبطولات، لذا أصبح اللاعب يضمن خانته وإن هبط مستواه وأصبح عالة على الفريق !!
هلال اليوم لا يملك الإداري القوي الذي يعرف كيف يدير الأمور، ويعالج كل المشاكل، وينمي الحافز ويجعل من أي مؤثرات سبباً في تفجير طاقات اللاعبين.
هلال اليوم لا يملك اللاعب السوبر الذي يستطيع صناعة الفارق، وحل كل المشاكل الفنية كما كان يفعل يوسف الثنيان وسامي الجابر أيام زمن الهلال الجميل!
هلال اليوم لم يعد يملك الجرأة الكافية للزج بلاعبين شبان مكان لاعبين أكل عليهم الدهر وشرب، ولو عاد صناع القرار الأزرق للتاريخ لعرفوا كيف حقق فريقهم مثلاً دوريي 1405و 1410هـ وكيف حضرت الجرأة والثقة لتزج بلاعبين صنعوا تاريخاً يصعب تكراره.
هلال اليوم لم يعد قادراً على إبرام صفقات مدوية تسد حاجته مثلما فعل في زمنه الجميل عندما تعاقد على سبيل المثال مع عبدالله شريدة ثم محمد الدعيع فكانا أحد عوامل إنجازات لا تنسى في تاريخ النادي.
هلال الأمس كان يؤثر في الأحداث وهلال اليوم يتأثر منها ولست هنا في مقام التشاؤم لكنها الحقيقة التي يدركها كل هلالي، وإن حاول تجاوزها على أمل لعل وعسى.
قبل مباراة الهلال والقادسية حدثت زوبعة ايلتون وفي النهاية سُمِحَ له بالمشاركة... يحدث ذلك كل وسط صمت إداري هلالي غريب، وكأن الأمر لا يعني الهلال بالذات وبشكل مباشر، رغم أن كل التفاصيل والأحداث ستقف في صف الهلال لو رد بشكل مباشر واعترض وطالب بحفظ حقوقه.