سعد الدوسري
هناك أشياء قديمة لا يمكن أن تعود أوأن يعود جمالها، سواءً من العلاقات أو من الأشياء أو من المناخات، أو حتى من العادات والتقاليد: اليوم تغلب السرعة على كل المفردات في حياتنا، ويغلب عليها الهشاشة. كلما تقدم الزمن، ازدادت سرعة البناء وهشاشة المبنى! السيارات القديمة كانت تعيش عقوداً من الزمان، الطعام القديم كان طازجاً، الحب كان صادقاً، صندوق التنمية العقاري كان معطاءً!!
هل تذكرون بداية الصندوق العقاري، حين كان طالب القرض يحصل على قرضه خلال سنة، على أطول احتمال؟! مع مرور الوقت، صارت السنوات تزيد على خمس سنوات انتظار، ثم إلى عشر، ثم إلى عشرين وثلاثين سنة. وعلى الرغم من عدم رضا المتقدمين للصندوق عن هذه الفترة البالغة الطول، إلا أن بعضهم تعايش معها وقبل بها.
اليوم، صار الصندوق وقروض الصندوق التي لا تأتي إلا قبل الوفاة، من الذكريات. وسيتحول الصندوق إلى تحفة، تشبه التلفون أبو قرص وجوال نوكيا. سيقول الناس:
-أتذكرون أيام الصندوق العقاري؟! كان المواطن يتقدم بطلب قرض بناء، فيحصل عليه خلال ثلاثين سنة. وكان إذا حصل عليه، يقيم الأفراح والليالي الملاح.
اليوم، صار طالب القرض، يتحول من طابور الصندوق إلى طوابير البنوك، لتبدأ أحداث قصص جديدة، تختلف عن قصص العشر والثلاثين سنة، قصص من بطولة الفوائد والحقوق المدنية والسجون!!