مها محمد الشريف
في هذا الزمان يكاد الفضاء أن يغصّ بالتصريحات الساخنة والباردة التي تتقاطع وتتعانق وتتصارع أحياناً عبر شبكات من الاتصالات التي تغلف وجه الكرة الأرضية، وبحسب مصادر هذه التصريحات تتباين في طبيعتها وقوتها واهتمام العالم بها.
إمبراطوريات إعلامية تحكم العالم وتتفرد بتأثيرها وسيطرتها على مجريات الأحداث، ومهامها أكبر من البث والفعاليات. يسعى مجالها إلى فضاءات إشكالية لعل أغلبها تتعلق بالجوانب الاقتصادية والسياسية، وهكذا تصبح أهمية هذه الإمبراطوريات كنظام عالمي له حضور فوق الطبيعي، يمنحه توازنه وانسجامه، يتيح مفهوم متواصل كسلسلة من التطبيقات محيطة بالبشر وحياتهم، ولها نفوذ كونها تمارس نشاطات متفاوتة بكل أنواعها، وتسيطر على مختلف العوائق المنهجية والمعرفية.
وبناء على هذا، تدعو مناسبة هذا المقال على طرح بعض المعلومات المسجلة ضمن ست إمبراطوريات للإعلام في العالم منها «مجموعة فوكس الترفيهية وهي شركة تابعة لشركة فوكس للقرن 21. القناة تعتبر واحدة من أهم القنوات التي تعبّر عن وجهة نظر المحافظين في الولايات المتحدة، وواحدة من أهم القنوات التي تنحاز في تغطيتها الإخبارية لإسرائيل في المطلق، وتعادي القضية الفلسطينية والعرب والمسلمين بشكل علني». كما يُشاع عنها.
يولد النص هنا متزامناً مع الأحداث الأخيرة ضمن رؤية كلية وشاملة تعي جيداً دور هذه المؤسسات الإعلامية المذهلة ودورها الكبير في القرارات السياسية، حيث ساندت بقوة المرشح الجمهوري للانتخابات الأمريكية 2008 جون ماكين، ووقفت ضد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما الذي كان خصماً لماكين بشدة واتهمته بالإرهاب والآراء الاشتراكية وقلة الخبرة والكثير من الإشاعات والاتهامات، ومنها أنه ذو أصل عربي وانتماءاته إسلامية.
تغدو هذه الإشكالية الممائلة اليوم مع الرئيس فلاديمير بوتين، عندما قال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف: «نعتبر هذه الكلمات التي أوردتها شركة فوكس غير مقبولة ومهينة، عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وصراحة نرغب في الحصول على اعتذار من مثل هذه الشركة المحترمة»، حيث طالب الكرملين فوكس نيوز بالاعتذار عن وصف بوتن بـ»القاتل» وفق ما ذكرت وكالة رويترز.
إن ما يسمى بالمؤسسات الإعلامية الخاصة هي التي تنتمي إلى شركات تشكلت من الأخلاط والمهاجرين والمستوطنين، خاضت كثيراً من الصراعات لتنقلها إلى العالم عبر وسائلها ومصادرها، وبحسب انتمائها وتوجهها وقوميتها في ضمن فضاءات متعددة، مع أن الهوية الظاهرة واحدة ومندمجة مع الدولة التي تمثل إعلامها.
لم تترك هذه المجموعات أو الشركات الإعلامية صراعاً إلا خاضته، تجلت في فلسفة الصراع وأنتجته عبر مؤسساتها لتدمير النزعات المعارضة لها، تحولت من الأدوات إلى كيانات متغلغلة بمعاييرها ومصالحها، يتفق أن بعض تجليات الشركات قد ينزلق إلى أفعال وممارسات منحازة لحزب دون آخر أو شخصيات عالمية محسوبة على نشاطهم وسياساتهم، فتتورط في إبرام المعاهدات والاتفاقيات لتعزيز الأهداف المرتبطة باستمرار وجبروت هذه الإمبراطوريات التي يسيطر عليها رجال الأعمال وعلى وسائلها الإعلامية.