سعود عبدالعزيز الجنيدل
مسكينة أيتها النفس البشرية، قاست، وعانت، وما تزال تعيش هذه المآسي وهذه المواجع التي تتجدد عليها كل يوم، مع شروق الشمس حتى منتصف الليل، في دوامة مستمرة لا يبدو للأمل فيها أي أمل.
يكفي أن تراقب العالم لترى بعينك كل هذه المآسي من قتل، وفتك، وتدمير، وسقوط لمئات القتلى يومياً.. وتشاهد عمليات إرهابية تحاول المساس بأمن الدول، ودولتنا ليست بمعزل عن هذه المآسي.
إذن هذا هو «schedule» يومي، حتى أن أغلب الأشخاص ارتأى الابتعاد عن هذه الأخبار التي تأتي من كل حدب وصوب، ولكنه فشل في ذلك، والسبب في ذلك هو سيطرة تلك الأحداث والمآسي على حياة الناس، ففي المجالس يتم تناقل هذه الأخبار، وفِي أماكن العمل...، حتى لو أردت اعتزال كل هذه الأماكن فستكتشف أن جوالك يحاصرك، برفقته قنوات التواصل الاجتماعية» تويتر، فيس بوك، واتس آب…» وكأنك فقدت حريتك، واستقلاليتك، لأنك أصبحت مرهوناً بهذه الوسائل، فلا تستطيع الاستغناء عنها ساعة واحدة فضلاً عن يوم كامل.
هذا الحال كما يبدو، ولكن هل يعني هذا نهاية المطاف بالنسبة لنا، نهاية الأحلام، والآمال؟.
لا أتصور أن هذه الأوضاع حكر علينا، ويكفي أن تقرأ سطور التاريخ لتعثر بين هذه السطور على مآس ومحن مرت بها أمم كثيرة، ومن بين تلك الأمم الأمة الإسلامية.
إذن هذه الظروف السيئة بجوانبها المختلفة السياسية، الاقتصادية... إلى آخره، لا يجب أن تحرمنا من الأمل، نعم إنه الأمل الذي يجعلنا نعمر الأرض، بالصناعة، والزراعة، والبناء... هذا قدر الإنسان أن يعمر الأرض، ويعبد ربه حتى يأتيه اليقين، ويكون العمل والأمل صنوين لا يفترقان، لأني أؤمن إيماناً كاملاً لا يخالجه شك ولا ريب أن العيش بلا أمل كالجسد بلا روح، فمتى ما فارقت الروح الجسد فنى، فكذلك الأمل إذا فارقنا.
ولنتذكر قول الشاعر:
أعلِّلُ النفس بالآمالِ أرقُبُها
ما أضيقَ العيشَ لولا فسحةُ الأمَلِ
فمهما مر ويمر علينا من أوقات صعبة، قاسية، مؤلمة، لا يهم عدد الكلمات في قواميس العرب التي تتعدد في وصف هذه الأوقات، فنحن يجب علينا أن نكون قادرين، ومستعدين لها، ومعلقين الآمال كل على حسب شخصه وفكره.
فالأمل هو الهواء الذي نتنفسه، والماء الذي نشربه، والشيء الذي نحيا به، محاولين تحقيقه.
لا يهم إن تأخر قليلاً أو كثيراً، ولا تهم الصعاب التي تواجهنا في أثناء رحلتنا، ولا تهم الأشواك التي تعترض طريقنا، المهم أن نحيا باذلين الجهد لتحقيقه، وبإذن الله سنحقق ما نصبو إليه.