عروبة المنيف
يشكل الأطفال في المملكة نسبة لا يستهان بها من عدد السكان حيث يعتبر المجتمع السعودي من المجتمعات الفتية، والأطفال بشكل عام هم ثروة الوطن ورأسماله، فهم مدخراتنا وكنوزنا الثمينة، إنهم بناء الوطن وعمادة المستقبلي.
إن المملكة من الدول التي وقعت على «اتفاقية حقوق الطفل» التي صادقت عليها غالبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ودخلت حيز التنفيذ في سبتمبر 1990 وصنفت إلى ثلاثة أقسام، أولها: التقديم، وتشمل الحق في امتلاك وتلقي والحصول على أشياء وخدمات كالاسم والجنسية والرعاية الصحية والتعليم، ثانيها: الحماية، وتشمل الحق في الحماية من الأفعال والممارسات مثل انفصال الوالدين، الانخراط في الأعمال الحربية، الاستغلال التجاري أو الجنسي، والاعتداء العقلي والجسدي، وثالثاً: المشاركة، وهي حق الطفل في الاستماع إليه في القرارات التي تؤثر في حياته وإعطائه فرصة المشاركة في أنشطة المجتمع تمهيداً لحياة الكبار مثل حرية التعبير والرأي والثقافة.
إن القسم الثالث من الاتفاقية الذي يتضمن المشاركة، هو ما دفعني لكتابة ذلك المقال، فقد اطلعت على تجربة مشرفة ورائدة في منتدى «الإعلام صديق الطفولة»، منذ أيام وكان برعاية وزارة التعليم، إنها تجربة «برلمان الطفولة بصحيفة الحياة» الذي تأسس في عام 2005 وانطلق بتخصيص صفحة أسبوعية للطفل من ضمن صفحات الصحيفة لمشاركات الأطفال البرلمانيين. لقد بدأ البرلمان عند تأسيسه بخمسة أطفال فقط وبإمكانات محدودة ليصل عددهم الآن إلى 300 طفل. إن هدف ذلك البرلمان الطفولي هو تعليم الأطفال ثقافة الحوار من خلال المشاركة في طرح قضاياهم وتعليمهم القدرة على فهم القضايا المحيطة بهم ومدى تأثير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية على حياتهم وطموحاتهم المستقبلية وتمكينهم بمهارات التعبير عن الرأي واحترام الاختلاف ونشر ثقافة الحقوق والتدريب على الحوار ونبذ العنف بكافة أشكاله والاهتمام بالقيم الإنسانية النبيلة.
إن ظهور مجموعة من «أطفال البرلمان» في جلسة كاملة على المسرح في ذلك المنتدى والتحدث أمام جمهور الحاضرين بكل ثقة وشجاعة ولباقة وتمكن يجعلنا أمام تجربة برلمانية للأطفال ينبغي تعزيزها وتعميمها على جميع المؤسسات الثقافية من صحف وغيرها، ومن مؤسسات المجتمع المدني كالجمعيات بالإضافة للبرامج الحكومية المعنية بالطفل بهدف الرفع من ثقافة الأطفال وتعزيز القيم الحقوقية لديهم وتنمية مهاراتهم الاتصالية والثقافية والحوارية، فمن الضروري أن تشارك جهات عدة في تعليم الأطفال تلك المهارات وصقلها، وعدم الاتكال على النظام التعليمي فقط في تأسيس ودعم تلك المهارات، فلو أن جهات عدة ساهمت بتأسيس «برلمان للطفولة» يكون تحت إشراف «وزارة الثقافة» وتحت مظلتها لكان بالإمكان أن ينبثق عنها» برلمان طفولة وطني» مشرف، له دور لا يستهان به في الرفع من الثقافة الحقوقية للأطفال وفي نشر قيم التسامح واحترام الاختلاف والتدريب على أدبيات الحوار، بما يساهم في الرفع من المستوى الفكري والقدرات الذهنية للأطفال من أجل جيل واعٍ قادرٍ على مواجهة التحولات الفكرية المعاصرة.