سمر المقرن
أعجبتني الأفكار الجديدة التي طرحها معالي مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، من أن هيئة كبار العلماء تنوي طرح إستراتيجية جديدة تركز على ثلاثة محاور هي: تعزيز مكانة هيئة كبار العلماء، وتحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها، بالإضافة إلى توجه الهيئة لفتح حوارات مجتمعية شاملة مع مختلف شرائح المجتمع بمختلف مستوياتهم العلمية والعمرية من خلال مجلس هيئة كبار العلماء.
هذه الخطوة الإيجابية هي ستكون بمثابة تغيير جذري للصورة النمطية لهيئة كبار العلماء، وتحويلها إلى مؤسسة تعمل على تحقيق الأهداف التي وُجدت من أجلها.. هيئة كبار العلماء أمامها تحدٍّ كبير من حيث توعية الناس والمجتمعات الإسلامية بمصادر الفتوى، واللآراء التي تؤخذ من مصادرها الصحيحة، فنحن كمجتمع عانينا كثيراً من اختلاط الحابل بالنابل، واعتقاد الناس أن كل من يخرج على العلن بهيئة دينية من ثوب قصير ولحية كثيفة هو «شيخ» وهذا ما أوقع اللبس الديني في أذهان الكثير، بل هو أيضاً ما أساء للدين الإسلامي والمجتمع السعودي أمام العالم الغربي، الذي يتناقل بعض الآراء والفتاوى الشاذة وينسبها إلى (شيخ دين سعودي) وهذا الأمر أراه من أهم الإشكاليات التي تحتاج إلى علاج جذري من داخل هيئة كبار العلماء، وتوضيح أن هذه الآراء لا تُمثل المؤسسة الدينية السعودية، ومن هذا المنطلق سيتم تعزيز مكانة هيئة كبار العلماء، وعدم مساواة أعضائها بغيرهم.
أيضاً أرى أن هذه الخطوة المحمودة بحاجة إلى تفاعل مؤسساتي أكبر، حتى يتم إيصال الأفكار المطلوبة لشريحة أكبر من الناس من خلال فتح قنوات التحاور عبر مؤسسة مثل مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، حيث يمتلك المركز خبرة طويلة في هذا المجال ولديه قاعدة بيانات عريضة، ستساهم بشكل كبير في تعزيز الأفكار الجديدة التي ستنطلق من هيئة كبار العلماء.
هذه الخطوة ستغير من رؤية الناس إلى أن عمل الهيئة محصور بالفتوى، فتحن نعيش في تحديات كبيرة ومراحل مفصلية مهمة تجعل الدور المرجو من هيئة كبار العلماء أشمل بكثير من أن يظل خلف الفتوى فقط، حيث أتمنى أن يكون هناك دور في الحوار وبحث أسباب الإشكاليات التي أدت بشبابنا إلى التطرف بكل أشكاله، ومحاولة إيجاد علاج ناجع لمحاصرة هذه الظاهرة المتزايدة حتى نستفيد أكثر من علمائنا الأفاضل.