«الجزيرة» - محمد السنيد:
يشرّف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله ورعاه- مساء اليوم الثلاثاء العرضة السعودية التي ستقام ضمن فعاليات النشاط الثقافي للمهرجان الوطني للتراث والثقافة (31)، وذلك في الصالات الرياضية بالدرعية.
والعرضة السعودية فن يجمع بين الشعر والإيقاع واللحن الموسيقي، والأزياء، ويتسم شعر العرضة بالفخر ويدعو إلى التلاحم وحب والوطن والانتماء والتسامح، وكل ما من شأنه الحث على الخصال الحميدة ورفع القيم الإنسانية في المجتمع. كلمة عرضة مشتقة من الفعل عرض بمعنى الإظهار والاستعراض العام، وينتشر هذا الفن في دول الخليج العربية، وتمارس العرضة في المدن والقرى ويمارسها كل طبقات المجتمع جنبا إلى جنب من غير تفرقة في العمر أو المكانة الاجتماعية أو الرسمية، فتجد أبناء العائلة المالكة والشعب يمارسونها بشكل متساوٍ في المناسبات الوطنية والأفراح وهي رمز للوحدة والتلاحم بين أعضاء المجتمع.
ينتقل هذا الأداء من جيل إلى آخر متماشين مع محيطه الاجتماعي والبيئي، وقد كان الغرض من أداء العرضة في الماضي البعيد هو شد همم الرجال والدعوة للاستعداد للحرب، ولكنها تحوّلت الآن إلى رقصة تعبر عن الاحتفال والتآزر بين أفراد المجتمع، حتى الأشعار أصبحت تخدم المناسبة التي تقال فيها من أعياد أو مناسبات زواج أو غيره من المناسبات الاجتماعية.
لأداء العرضة: يقف صفان من المؤدين، ويكون حامل الراية في المقدمة ويقف الشاعر إلى يساره، بينما تقف مجموعة من قارعي الطبول مع المنشدين وتقرع الطبول بإيقاعات متناغمة مع المنشدين.
شعر العرضة وشعر العرضة في الماضي يرتجل ولا يكتب وأحيانا تجد شاعرين يتساجلان في القصيدة ويصاحب تلك الأشعار الإيقاعات، وتتكون من نوعين من الطبول حيث تبدأ العرضة بالتخمير ويسمى طبل (الدمام) ولعلها مستوحاة من كلمة دوم في علم الموسيقى ثم يتبع ذلك التشكيل الإيقاعي بمصاحبة طبول صغيرة تسمى (التثليث) بثلاث ضربات الأولى منفصلة، وضربتين متصلتين بحركات جميلة وتشكيلات وحركات الجلوس والقيام والتمايل بالطبول.
وأما موسيقى العرضة وألحانها (الشيلة أو الشلة) فهي لحن يخرج من حناجر الشعراء وأحيانا من المؤدين المعروفين بقدرتهم على تلحين القصائد بتلقائية إبداعية لها علاقة وطيدة بالحداء والهجيني وهي من فنون العرب القديمة ولا تزال أشعار العرضة وشيلاتها عالقة في أذهان الناس، وتتميز العرضة بأزياء خاصة تتكون من (الفرملية) وهي لباس قارعي الطبول وتكون من اللون الأسود المزين بالزري ويلبس الشاعر وحامل العلم والمرددين (الصاية) و(الزبون) و(المجند).
أداء العرضة السعودية يقوم على 1ــ شعر 2ـــ طبول 3ــ راقصين السبحة: يؤديها لاعبو العرضة المهرة من حاملي السيوف ويتقدمهم قائد ماهر يسمى بقائد السبحة ويتميز بحركاته وإيماءاته.
الملابس: للعرضة ملابس خاصة ومنها اللبس الخاص، حيث يرتدي الصاية أو الدقلة من النوع الفاخر لأنه الأكثر تميزاً بملابسه المزركشة المتميزة لكون الأكثر تميزاً في الأداء والحضور.
ملابس قارعي الطبول: يرتدون الملابس الشعبية التي تسمى بالفرملية وهي مزركشة وعادة ما تكون من قماش القطيفة وذات أكمام طويلة.
ويلبس المؤدون في الصفين المتقابلين ملابس موحدة تسمى بالصاية أو المرودن بالإضافة إلى المجند وبيت الفرد والخنجر.
الانتقال إلى الأجيال والمحافظة عليها في منطقة نجد توجد بيوتاً خاصة بالتدريب على أداء العرضة في العديد من المدن والقرى التي تؤدي العرضة، ويوجد في الدرعية بيتاً خاصاً يسمى ببيت العرضة يقوم على إدارته عدد من ممارسي هذا العنصر ويعتبر مدرسة للتعليم والتدريب للأجيال الصاعدة ويرأسه الأستاذ صالح بن ناصر العبدالواحد.
ويوجد على غرار هذا البيت بيوت أخرى تعنى بالتدريب لأداء العرضة.
وتُعتبر العرضة السعودية مِن التعبيرات الثقافية، والتراثية المهمة في المجتمع السعودي التي توارثتها الأجيال أباً عن جد في منطقة نجد التي تقع وسط المملكة العربية السعودية، لها زيها الخاص، وتميز بداية، ونهاية المناسبات البارزة، كالأعياد، والأعراس، والمواليد، والمناسبات الرسمية للدولة، والأحداث ذات الأهمية الوطنية، ولها رموز خاصة عِند أهل البلد فهي رمز للنصر، والعزة، والكرامة، وهُناك من ألف بِها كُتباً مِثل كِتاب أهازيج الحرب، أو شعر العرضة لمؤلفه عبدالله بن خميس، وهي رقصتهم في السلم والحرب.