«الجزيرة» - علي مجرشي:
تواصلت فعاليات «البرنامج الثقافي» للمهرجان الوطني للتراث والثقافة «الجنادرية» لهذا العام في دورته الحادية والثلاثين، التي يقيمها المهرجان بقاعة الملك فيصل للمؤتمرات بفندق انتركونتيننتال بالرياض، بندوة شارك فيها باحثون ومختصون من المملكة والدولة «ضيف الشرف» جمهورية مصر العربية الشقيقة، بعنوان «السعودية ومصر: تاريخ من العلاقات الراسخة والمسؤولية القومية والإقليمية»، التي أدارها الدكتور عبدالله العساف، بمشاركة نخبة من المتحدثين وهم: الدكتور عبدالله مناع، من المملكة والدكتور صالح الخثلان، عضو مجلس الشورى من المملكة، والدكتور خالد أبو بكر من مصر، والدكتور سليمان جودة من دولة مصر الشقيقة؛ الذين رفعوا خلال مشاركاتهم في الندوة شكرهم لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- معبرين عن خالص شكرهم وتقديرهم للقائمين على المهرجان الوطني للتراث والثقافة وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبد العزيز وزير الحرس الوطني رئيس اللجنة العليا للمهرجان على ما وجدوه من امتداد لتطور المهرجان في جانبيه التراثي والثقافي، وما يناقشه برنامجه الثقافي من هموم عربية وإقليمية على منبر الجنادرية بمشاركات نخب عربية وعالمية.
وقد استهل الدكتور صالح الخثلان مشاركته بالوقوف من خلال محاور ورقية التي قدمها في تسع وقفات حول العلاقات السعودية المصرية، التي وصفها عبر وقفاته بالركن الذي يقوم عليه ما تبقى من نظام عربي هش، مشيرًا إلى أن تاريخ الأمة العربية يؤكد ثقل هاتين الدولتين في أي تحدٍ يواجه المنطقة العربية؛ مردفًا الخثلان قوله: إن العلاقات السعودية المصرية تعاني لعدة أسباب يأتي في مقدمتها أن العلاقة السعودية المصرية تعاني من تخمة إعلامية قادها من لا يقدِّر أهمية العمل الإعلامي، كما أن سبب الاضطراب والتبعات التي أحدثها الربيع العربي، إضافة إلى أن العلاقات العربية تأثرت بحالة من الشعوبية، إلى جانب أنه ليس هناك إدراك بين الطرفين لحجم الظروف التي يعاني منها الطرف الآخر، كما أن الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها دول الخليج أسهمت في قلة الدعم لمصر، إضافة إلى أن السعودية ومصر تواجهان أخطارًا دولية مشتركة بوصفهما الدولتين الكبيرتين في المنطقة، فيجب على البلدين ألا تؤثر علاقتهما مع طرف ثالث بالعلاقة بالطرف الثاني، كما أن هناك أطرافًا داخلية تسهم في حالة من الفوضى وزيادة الفجوة بين البلدين فيما يخدم مصالح خارجية.
أما الكاتب والإعلامي الدكتور سليمان أبو جودة، فقد جاء في ورقته قوله: تمنيت أن يكون عنوان الندوة «ماذا أصاب العلاقات السعودية المصرية؟» أو «ما الذي تغير في العلاقات السعودية والمصرية؟» مردفًا في هذا السياق قوله: إن من يقرأ المشهد اليوم يجد أن حسن النية موجود لدى الحكومتين، وهذا ممتد من عهد جلالة الملك عبد العزيز -رحمه الله- الذي اختار مصر لتكون البلد العربي الوحيد ليقوم بزيارته. وتحدث أبو جودة عن تاريخ العلاقات المصرية السعودية القوية، وذكر بعض المواقف التاريخية لملوك المملكة العربية السعودية وصولاً إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- تجاه مصر وشعب مصر.. مختتمًا أبو جودة مشاركته قائلاً: لكي تعود العلاقات السعودية المصرية على سابق عهدها يجب أن تتحرر رؤية بعضنا من فكرة تطرف المواقف في الرؤى بين البلدين، ومن حالة اللا حوار بين البلدين، كما يجب التحكم في سطوة وسذاجة مواقع التواصل الاجتماعي والإعلامي بشكل عام.
أما المتحدث الثاني في الندوة الدكتور خالد أبو بكر، المحامي الدولي، عضو الاتحاد الدولي في باريس، ومقدم برامج تلفزيونية مصرية، فقد بدأ كلمته برسالتين، الأولى: وجهها لمن يحملون هموم أمتهم العربية، ويذودون عنها قائلاً: لعلي أقول لهم: اطمأنوا فنحن بخير فمصر والسعودية هم الكبار وأنتم الصغار؛ بينما قال أبو بكر في رسالته الثانية: أقول لأولئك الصغار بأن عليكم ألا يهدأ لكم بال، ونبشركم أن أحلامكم ستتحول إلى كوابيس، وثقوا أن الكبار في البلدين يعلمون ماذا يعملون؛ مستعرضًا خلال مشاركته عديدًا من جوانب العلاقات بين البلدين الشقيقين من الناحية التاريخية والحاضر والمستقبل، مختتمًا حديثه بقوله: أكبر دليل على عمق تلك العلاقة مشاركة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مع الجيش المصري في السويس.
أما في الورقة الأخيرة من الندوة فقد تحدث الدكتور عبدالله مناع الكاتب والإعلامي السعودي قائلاً: إن المستقبل هو ابن لهذا الماضي، ولا بد أن نشير إلى الماضي الذي تبلور صورة لهذا المستقبل، وفي الماضي لم يكن هناك علاقة ثقافية بل كان هناك تلاحم ثقافي، كانت السعودية تنتقي الأساتذة من خيار الكوادر المصرية الذين أسهموا في تعليم الأجيال، إلى جانب ما أسهم به آخرون في تخصصات علمية ومهنية مختلفة، مشيرًا مناع خلال مشاركته إلى أن هناك تمازجًا كبيرًا بين الشعبين السعودي والمصري رغم كل الاختلافات في بعض المواقف وليس الخلافات على مر التاريخ، مردفًا قوله: نحتاج في هذه المرحلة إلى البعد عن اللغط الإعلامي القائم الذي تحركه أحزاب وتوجهات مختلفة، فالمملكة العربية السعودية على مدار التاريخ كان لها مواقف مشرفة مع مصر والشعب المصري، فمصر بحضارتها تقف شامخة ورافدًا للثقافة العربية، والمملكة العربية السعودية بمقدساتها ونهضتها رافدًا للنهضة الحديثة.