د. محمد عبدالعزيز الصالح
يلاحظ -مؤخراً- كثرة ما يُرتكب بحق المواطنين من أخطاء طبية في عدد من المستشفيات الحكومية والأهلية لدينا، حيث سمعنا عن وفاة سيدة أثناء عملية ربط المعدة بسبب خطأ في التخدير, ووفاة سيدة أخرى في أحد المستشفيات الخاصة بالرياض أثناء عملية تجميلية بسبب خطأ طبيب التخدير, وطالعتنا الصحف بخبر تلف دماغ طفل بأحد مستشفيات جدة الخاصة بسبب خطأ طبي علماً بأنه لم يكن يعاني سوى من تسوس في أسنانه, حيث تسبب خطأ أخصائي التخدير في تلف 90 في المائة من مخه, كما طالعتنا الصحف أيضا بخبر خطأ طبي يدخل سيده في غيبوبة ثم الوفاة في الوقت الذي كان دخولها للمستشفى سيراً على الأقدام لإجراء عملية استخراج حصوة بالمرارة.
وقبل أيام عدة فجعت عائلتنا بخبر وفاة صديقه عزيزة لزوجتي، حيث تم إجراء عمليه بسيطة لها في الأمعاء في أحد المستشفيات الأهلية الكبيرة، ونتيجة لخطأ طبي قاتل، فارقت الحياة تاركة الحرقة والألم لوالدتها وشقيقتها ورفيقة دربها وابنها، كما انتشر في وسائل التواصل الاجتماعي خبر الطفلة حلا العتيبي التي ذهبت لأحد المستشفيات الأهلية الشهيرة لمعالجة الإنفلونزا، وتسبب خطأ طبي بإعطائها إبرة خاطئة قبل ظهور نتائج تحاليلها، وتسبب ذلك في فقدها لحواس النظر والشم والسمع بالإضافة إلى فقد قدراتها المعرفية، إضافة إلى ذلك, نشرت إحدى الصحف المحلية تحقيقاً حول كثرة ضحايا العمليات التجميلية في مستشفياتنا بالمملكة, خاصة الأهلية منها، حيث كشف التحقيق كثرة حالات الوفاة بسبب الأخطاء الطبية من قبل بعض الأطباء والأخصائيين.
السؤال المطروح, هل قامت وزارة الصحة بدورها كاملاً لحماية أرواح المواطنين من تجاوزات بعض الأطباء والأخصائيين في المستشفيات الأهلية التي أودت بحياة الكثير من المرضى بسبب أخطاء طبية, أعتقد بأن من حق كل مواطن ومقيم أن تحفظ الدولة حقوقه، فالمادة (26) من النظام الأساسي للحكم تنص على: (أن الدولة تحمي حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية).
ولكنني أتساءل هنا.. كيف يمكن أن نحمي صحة هذا المواطن في ظل كثرة تلك الأخطاء والتجاوزات الطبية, ناهيك عن تواجد أعداد ليست بالقليلة من الأطباء والأخصائيين الصحيين غير المؤهلين في العديد من المستشفيات والمستوصفات الأهلية, علماً بأن المادة الثامنة من نظام المؤسسات الطبية الخاصة تنص على أنه: (لا يجوز للمؤسسة الصحية الخاصة تشغيل الأطباء أو غيرهم من الممارسين الصحيين والصيادلة إلا بعد حصولهم على ترخيص من الوزارة بمزاولة المهنة).
الجدير بالذكر أن الجهات الصحية بالمملكة سبق أن كشفت قبل عدة سنوات عن إلغاء آلاف الرخص المهنية الطبية تم تقديمها بأوراق مزورة.
أعتقد أن على الهيئة السعودية للتخصصات الطبية مسؤولية كبيرة في تطهير قطاعنا الصحي من بعض الأشخاص من الدخلاء عليه خاصة في ظل تضاعف أعداد العمليات الجراحية الضرورية والتجميلية التي تجريها المستشفيات الأهلية, وهو ما أدى إلى إتاحة الفرصة لمن هم أنصاف وأرباع الأطباء بأن يزهقوا أرواح المرضى.
وأقترح في هذا الخصوص على الهيئة السعودية للتخصصات الصحية التي لها جهود ملموسة في تطوير الخدمات الصحية تكثيف الجهود من أجل التصدي لغير الكفاءات من العمل في المستشفيات والمستوصفات والمراكز الأهلية, إضافة إلى ذلك فإننا نناشد وزارة الصحة بالضرب بيد من حديد على جميع المستشفيات والمستوصفات الأهلية الذين سيطر على ملاكها تحقيق الأرباح المبالغ فيها حتى وإن ترتب على ذلك تخليهم عن بعض المعايير العلمية والمهنية التي يتوجب أن تلتزم بها تلك المستشفيات, وهو ما تسبب في زهق أرواح الكثير من المرضى الأبرياء, وأقترح على المختصين بوزارة الصحة العمل على إعادة النظر في العقوبات التي تتضمنها الأنظمة واللوائح وتطبق بحق المستشفيات الأهلية المتجاوزة, والعمل على تشديد تلك العقوبات بحيث تكون مشدده ومتضمنة لعقوبة الأقفال والتشهير والغرامات المالية العالية والكفيلة بعدم ارتكاب مثل تلك الأخطاء الطبية القاتلة.