علي الصراف
الكل يعرف ما هو الدور الذي يلعبه تنظيم «الحرس الثوري» الإيراني في السلطة؟. وهناك الكثير من الأدلة والوقائع التي تدعم الاعتقاد أن هذا التنظيم هو المركز الرئيس الثاني للسلطة بعد سلطة الولي اللافقيه مباشرة.
إنه ليس قوة عسكرية فحسب، ولكنه قوة سياسية واقتصادية وأمنية كبيرة أيضًا. وبالأحرى فإنه لا توجد قوة بحجم قوة «الحرس الثوري» على الإطلاق. كما لا توجد قوة في إيران، مهما كانت، يمكنها أن تنافسه على دوره، أو تأخذ من هذا الدور شيئًا.
إنه موجود في كل مكان. وتسيطر عناصره على مفاصل رئيسة في الكيانات المختلفة لعمل الحكومة (إذا كانت هناك حكومة أصلاً). ويتمتع بمقدار كبير من الاستقلالية الاقتصادية. وفضلاً عن امتلاكه لمؤسسات اقتصادية خاصة به، فإنه يمتلك نفوذًا، هو الأكبر في الواقع، على كل المؤسسات الاقتصادية الأخرى في البلاد. وبمجرد أن يكون المرء قياديًا في الحرس الثوري، فإن ذلك يمنحه بطاقة مرور إلى كل مكان، ويجعله يمتلك الحق التلقائي بقول الكلمة الأخيرة لتحديد أي توجه.
وعلى العكس من الاعتقاد القائل «إنه دولة داخل الدولة»، فالحقيقة هي أنه هو «الدولة»، وكل ما عداه مجرد ظلال شاحبة، أو مجرد وهم.
ولكنه منظمة إرهاب أيضًا. ويجدر التساؤل: على أي أساس؟ ولماذا يجب النظر إلى هذا التنظيم كتنظيم إرهابي كغيره من التنظيمات الإرهابية الأخرى؟ بل لماذا يتعين النظر إليه كأخطر وأكبر وأغنى التنظيمات الإرهابية في العالم؟
أولاً، لأنه ليس مؤسسة عسكرية بالمعنى المألوف. إنه «تنظيم أيديولوجي يمتلك قدرات عسكرية». وهو يوظف هذه القدرات لخدمة تصوراته. وهذه صفة أساسية لكل التنظيمات الإرهابية.
ثانيًا، إنه تنظيم «لا يمكن السيطرة عليه من فوق». بمعنى، أن مجموعاته (ألويته وفيالقه) تنشط، انطلاقًا من قناعاتها الخاصة، من دون تكون هناك سيطرة مركزية على أفعالها. وهو الأمر الذي يوفر لهذا التنظيم أساسًا للتهرب من المسؤولية عن أي عمل مهما كان شنيعًا. وهذه صفة ثابتة لطبيعة كل التنظيمات الإرهابية.
ثالثًا، إنه مجموعة تنظيمات تتمايز عن بعضها البعض لتعمل كأخطبوط يؤدي كل ذراع فيه دورًا خاصًا به. وكل واحدة من هذه المجموعات تسعى إلى السيطرة على قطاع عملها، بل وتوظف عمل القطاعات الحكومية الموازية لخدمتها. وهو ما يعني أنها تسعى إلى السيطرة على الإمكانات والموارد من دون وجه حق، لتوظفها لخدمة أغراضها.
رابعًا، إنه مجموعة مليشيات تعتقد أنها على حق في كل ما تفعل. كل عمل، مهما كان وحشيًا أو ينطوي على تعديات، يتم النظر إليه على أنه «في خدمة الثورة»، ويتم تبريره على هذا الأساس. ولا يوجد أي سبيل، ولا أي قانون، لمحاسبة هذا التنظيم أو مساءلته على أعماله.
خامسًا، إنه أداة لملاحقة وسحق وتكفير كل من يقف في طريقه داخل إيران. وهو يمتلك أدوات خاصة به للاغتيالات، كما أن لديه سجونًا تمارس فيها أعتى الجرائم وأكثرها وحشية ضد كل من يقعون تحت الشبهات من جانب جهاز مخابراته الخاص.
سادسًا، إنه قوة عسكرية حوّلت الجيش الرسمي الإيراني إلى مجرد شبح لا قيمة فيه ولا وزن له.
سابعًا، إنه الأداة الرئيسة لـ»تصدير الثورة»، من خلال تشكيل الميليشيات وتهريب الأسلحة وممارسة أعمال القتل والهيمنة والاستيلاء في دول أخرى. وذلك على أسس تستخدم الطائفية كقاعدة للتوسع ونشر مجموعات الإرهاب وزرع «الخلايا النائمة».
نعم، توجد منظمات إرهابية أخرى في إيران مثل «الباسيج» و»اطلاعات» و»فافاك»، إلا أن «باسداران انقلاب» هو أقواها وأوسعها نفوذًا. أنظر في الإمكانات والموارد والقطاعات الاقتصادية التي يسيطر عليها، وستعرف أنه أكبر وأغنى تنظيم إرهابي في العالم. ميزانيته تتجاوز ميزانيات عدة دول، وتسليحه يتجاوز تسليح عدة جيوش، لتحقيق غايات مطابقة تمامًا لغايات أي تنظيم إرهابي آخر، يتخذ من الدين ستارًا.
إنه، فوق ذلك، التنظيم الإرهابي الوحيد، الذي يقود السلطة في بلد بينما توجد فيه سلطة وهياكل وهمية تعمل كشبح، أو كمجرد ظلال له.