جاسر عبدالعزيز الجاسر
بالرغم من أن مشروع الدستور السوري الذي وضعه المحتلون الجدد لسوريا، عسكر بوتين يضمن لرئيس النظام السوري المحمي من ثلاثي الإرهاب الحرس الثوري الإيراني، والمليشيات الطائفية، وعسكر بوتين، إذ يتحصن بشار الأسد في قصره في دمشق، ولأن الروس وجدوا فيه مطاوعاً لما يريدون، وأن ملالي إيران قد ضمن لهم تنفيذ أجندتهم الطائفية الهادفة للتمدد في الأرض العربية، فإن بنود مشروع روسيا للدستور الجديد لسوريا يضمن لبشار الأسد البقاء على رأس السلطة أربعة عشر عاماً قادمة رغم تزايد الأخبار والمعلومات عن تردي وضعه الصحي، إذ تزايدت المعلومات عن تعرضه لمشاكل صحية منها إصابته بجلطة لم يحدد موقعها أجبرته على تقليل تحركاته، ورغم النفي المتكرر للرئاسة السورية، إلا أن المتابعين يرون في تكرار نفي «القصر الرئاسي» وإصراره على نشر خبر النفي على أكثر من وسيلة إعلام سورية والوسائل الإعلامية المتعاونة مع نظام بشار الأسد في بيروت وطهران وبغداد، بأنها أدلة على انتكاسة صحية لبشار الأسد يراد التغطية عليها بالنفي المتكرر للرئاسة السورية.
أما مشروع الدستور السوري الذي قدمه الخبراء الروس والذي أصاب السوريين جميعاً وليس فقط المعارضة الوطنية، إذ يرى فيه السوريون فرضاً روسياً بإبقاء نظام حافظ الأسد وأبنائه حكاماً لسورية أكثر من نصف قرن وقد يمتد ليكتمل القرن إذا ورّث الحكم لأحفاد حافظ الأسد.
وحمل المشروع الروسي لدستور سورية الجديد 85 مادة ويظهر من ثنايا مواد الدستور إصرار موسكو على التحكم بمستقبل سوريا عبر التدخل بصياغة شكل الحكم فيها، ونزع العروبة عن سوريا بإزالة كلمة (العربية) من (الجمهورية العربية السورية)، فضلاً عن وجود مسعى روسي لتغيير حدود سوريا.
ومن أخطر بنود المشروع الروسي البند الذي يمكن أن تستخدمه روسيا وعائلة الأسد لإبقاء بشار الأسد أو شقيقه للبقاء في السلطة حتى أربعة عشر عاماً قادمة أو أكثر، إذ نص المشروع في بنده الأول والثاني من المادة «49» على أن ينتخب رئيس الجمهورية لمدة سبعة أعوام ميلادية من قبل مواطني سوريا في انتخابات عامة ومتساوية ومباشرة وسرية ولا يجوز إعادة انتخاب الشخص نفسه إلى منصب رئيس الجمهورية إلا لولاية واحدة تالية.
فيما ينص البند الخامس من المادة نفسها أي المادة «49» على أنه في حال انقضاء فترة صلاحيات الرئيس وعدم انتخاب رئيس جديد يواصل الرئيس الحالي للجمهورية تنفيذ صلاحياته حتى انتخاب رئيس جديد.
وبما أن ذمة الأنظمة العربية الجمهورية واسعة فيما يختص بالانتخابات وبالذات نظام الأسد وأبنائه الذين يحصلون دائماً على نسبة 99.9، إذ أن تلاعبهم في نتائج الانتخابات الرئاسية ثابتة «وماركة» ملاصقة بهم وكون بشار الأسد وآل الأسد جميعاً يرفضون التخلي عن هذا المنصب لأي منافس فإن بشار الأسد الذي تولى عام 2000م بعدما ورث المنصب عن أبيه الذي احتل منصب الرئاسة أكثر من ثلاثين عاماً، وهكذا فإن حكم آل الأسد سيتواصل من آخر عام 1970م حتى 2000م فترة حكم حافظ الأسد، واحتلال بشار المنصب من عام 2000م حتى عام 2014، وإذ ما أجريت الانتخابات وفق الدستور الروسي والذي يتيح له 14 عاماً على فترتين كل فترة سبع سنوات فإن بشار الأسد سيبقى قابعاً وكاتماً لأنفاس السوريين إلى ما بعد عام 2031م، هذا إن بقي على قيد الحياة وصدقت ما تروج له مصادر الرئاسة السورية بأنه في صحة جيدة، ومع هذا فإن السوريين لا يهمهم أن يلحق بشار الأسد بوالده، إذ أنهم يخشون أن يحل محله أخوه ماهر الأسد الذي صدر أمر رئاسي بترقيته إلى رتبة لواء فحكام سورية الحقيقيون من عسكر بوتين، والحرس الثوري الإيراني، والمليشيات الطائفية، لن يجدوا أفضل من أبناء الأسد في خدمتهم وتنفيذ أجندتهم الطائفية بالنسبة للإيرانيين وفرض النفوذ والسيطرة الروسية على سواحل البحر الأبيض المتوسط بالنسبة للروس.