عمر إبراهيم الرشيد
مازلت أتذكّر سينما ناديي الجبلين والطائي منتصف السبعينات الميلادية في مدينتي الوادعة في أحضان أجا وسلمى، إذ كانت السينما في النوادي الرياضية في تنظيم تناسب مع الظروف الاجتماعية في تلك الفترة، إنما كانت هناك دور سينما أهلية خارج الأندية كما في جدة وبعض مدن المنطقة الشرقية وغيرها، المهم أنه كانت هناك سينما كمرفق ترفيهي مؤثر ونشط. ولا أجد من الضروري استعراض الظروف التي تم فيها منع دور السينما في المملكة، لعلمي أن قراء هذه السطور الأكارم على اطلاع بحيثياتها وأشبعت نقاشا على مر العقود الثلاثة الماضية، إلا أنه لن يتوقف الجدل والنقاش والمطالبات حولها. وأسباب ذلك عديدة ووجيهة، لكني سأتناول هنا عاملاً مهماً لذلك الحراك الاجتماعي والثقافي بخصوص السينما، ألا وهو وصول مواهب وقدرات سينمائية سعودية إلى المحافل الدولية إنتاجاً وتمثيلاً وإخراجاً، ومنها فلم (بلال) والذي أنتج بطريقة (الأنميشن) أو الرسوم المتحركة. ولهذا الوصول أهمية وأثر كبير في رأيي لأكثر من سبب، فالفيلم يتناول قصة الصحابي الجليل بلال رضي الله عنه، مع ما تمثله قصته من مقاومة للظلم والطغيان والتحرر من العبودية، وهذه قيم إنسانية يفهمها وينشدها المتلقي مهما كانت خلفيته الدينية والثقافية والعرقية. وحين يقدم هذا الفيلم هذه القيم التي نادى ودافع عنها الإسلام إلى الجمهور الغربي وغير العربي عموماً عبر العالم، كون الفيلم وصل إلى الترشيح لجائزة (الأوسكار) العالمية، وفي ظل الظروف الحالية التي يتعرض فيها الإسلام للتشويه من أعدائه وبعض المنتسبين إليه على حد سواء، ففي رأيي أن فيلم بلال يشكل اختراقاً إعلامياً بصناعة سعودية يفخر بها كل سعودي بل كل مسلم أياً كان مكانه في هذا العالم، بالنظر إلى القصة ودلالتها وتأثيرها المرتقب. إضافة إلى ذلك، فإنّ إنتاج الفيلم من قِبل شركة (بارجون انترتينمنت) السعودية ومعها فنانون من الإمارات وباقي الدول العربية، ووصوله إلى الأوسكار ترشيحاً كما قلت، سيشكل حركة ضغط للبت في مسألة إعادة فتح دور السينما في المملكة، وهذا توقع ورأي شخصي. فلا يعقل أن تحتفي صناعة السينما العالمية بفيلم سعودي سوف يترجم إلى ست لغات بينها الإنجليزية وبمشاركة ممثلين أجانب في (الدوبلاج)، ويعرض في دور السينما العالمية دون أن يكون له أي تواجد في وطنه!.