عبد الرحمن بن محمد السدحان
- العالم بأسره، عبر قاراته ومحيطاته وسهوله وجباله ومن يؤويه، مشغول حتى النخاع بمعضلة الإرهاب، ممثلاً في العديد من الجماعات (المجيشة) بكل أدوات الموت والدمار، وفي مقدمتها نبتة الشيطان (داعش) ولن استبعد أن يعقد مستقبلاً مؤتمر عملاق على مستوى العالم المكلوم بمحنة الإرهاب لتدبر وسائل جماعية لمواجهته وقهره بالقوة واستئصال شأفته في كل مكان يحل به، شرقاً أو غرباً أو شمالاً أو جنوباً، وتكوين تحالف أممي لهذه الغاية!
* * *
- الإرهاب في أي زمان أو مكان عدو للإنسانية، وهو سلوك جبان، لا يأتيه إلا من في قلبه مرض، ولا يبرره إلا من في عقله سقم، ولا يتسامح معه إلا من في طبعه خلل!
* وهو سلوك مرفوض شرعاً ونظاماً وإنسانياً.. حيثما حل أو رحل، في دغل كان أو فوق ناطحة سحاب! وهو مرفوض حين يقتل ويجرح ويرمل وييتم أبرياء، لا ناقة لهم فيما يعتبره الآثمون بوزره «قضية»!
* * *
- والإرهاب عمل غوغائي، لا يفرق بين صاحب قضية وعابر سبيل، فيخلط الأوراق.. يحرقها بنار الهمجية وعشوائية البطش، ويؤول هو ومن يقف وراءه بلا قضية ولا رسالة ولا هدف!
* * *
- وأزعم بقدر من اليقين أن المتأمل العاقل لـ(سيناريو) معظم كل تلك الأحداث الموجعة، بات يدرك أن سياسة بعض دول العالم الغربي إزاء أجزاء من (عالمنا الثالث) هي المعني الأول بـ(خطاب) القنابل التي (يكتب) من خلالها ضعاف النفوس رسائل الرفض لتلك السياسة، رموزاً أو محتوى، ويتخذون منها (ذرائع) لإضرام الحرائق في هذه القارة أو تلك، فتحصد الأرواح البريئة قتلاً وتشويهاً وتشريداً، ثم تقف تلك الدول بعد ذلك، أمام العالم، ومعها بعض أبواق الإعلام، المسير منه والمخير، تنعي الأمن والحق والفضيلة، وتوزع التهم بسخاء ذات اليمين وذات الشمال، وتعمم الأوصاف والأنماط، تعريفاً للإرهابي، فهو مرة مسلم، وأخرى عربي، ولا يكاد هذا التعريف المجحف يغادر هذين النمطين من البشر!!
* * *
- نعم هناك مسلمون ومثلهم عرب ارتكبوا وسيرتكبون إثم الإرهاب، ويتعين التعامل معهم بالعدل والقوة، ولكنهم يبقون أفراداً وإن زادوا، ومن ثم هل يجوز استنتاجاً، أن ينسب كل عمل إرهابي في هذه الرقعة أو تلك من العالم.. إلى عربي أو مسلم؟!
- هل نسيت أمريكا مثلاً والإعلام العالمي قاطبة أن مفجر المبنى الفيدرالي في مدينة أوكلاهوما قبل أكثر من عقدين من الزمن لم يكن عربياً ولا مسلماً.. كما زين لمحطة الـ(سي ان ان) وغيرها الزعم لحظة وقوع الحدث، وإن بقي الفاعل الحقيقي له يستتر فترة من الزمن وراء كثبان من الأسرار والتأويلات؟
* * *
- أخيراً.. ألم يحن بعد لمخططي ومنفذي السياسة الغربية أن يخضعوا مواقف بلدانهم إزاء هذه المنطقة المرزوءة من العالم لتقويم حاد وجاد وأمين.. يأخذ بعين الاعتبار، قبل كل شيء وبعد كل شيء مصلحة مواطنيهم أمناً وسمعة ورفاهاً، فتنقي هذه المواقف من شوائب الزيف والجهل والنفاق السياسي، وكيلا تبقى بمثابة (الطعم) الذي تتغذى منه دودة الإرهاب المنظم وغير المنظم، وذريعة سقيمة يسوغ بها فاعلوه إجرامهم ضد الأبرياء، دولاً وجماعات وأفراداً!
* * *
وبعد..
- ستستمر (امبراطورية) الإرهاب تعربد في كل مكان ظلماً وظلاماً وسيستمر فاعلوه في البحث عن ذرائع تسوغه وتزينه في القلوب المريضة.. ثم لا يبلغون منه أو به شيئاً! فالقوي يزداد قوة، والبريء يزداد قهراً، والمجرم الحقيقي يبقى حراً يحلق في فلك المجهول!