يوسف المحيميد
يقول وزير الثقافة المصري حلمي النمنم حول جولة خادم الحرمين الشريفين في معرض خان الخليلي بجناح مصر بمهرجان الجنادرية إنه قابل قائدا وزعيما عربيا شديد الحب لمصر، وقال له كلمته الشهيرة: «مصر عادت، وبها الآن الأمان، والطمأنينة، والازدهار، وأن القادم في مصر -إن شاء الله- أفضل»، وهي رسالة مهمة تعني أن مصر كانت ذاهبة في الغياب، في طريق مجهول لا يشبهها أبدًا، مصر التاريخ والثقافة والفن والإبداع، مصر العروبة، كانت ستخلع كل ذلك، وترتدي ملابس غريبة، وهو ما رفضه المصريون في تجديد ثورتهم في 30 يونيو، ثم العودة إلى ثورة شعب عريق ومكافح، لا يقبل تشويه ملامحه.
وحين عادت مصر سريعًا، فحتما سيعود غيرها من العواصم العربية المختطفة عاجلًا أم آجلًا، فمن الصعب أن تستبدل الدول العربية ملامحها، بملامح أخرى غريبة، فلا اليمن السعيد يمن الميلشيات الحوثية والعصابات المسلحة، ولا الشام شام الدكتاتور وداعش، ولا العراق عراق الحشد وداعش وتوابعها، حتى لبنان لن تبقى أسيرة حزب طائفي إرهابي توسعي، كل هذه العواصم التي احتفل فيها مسؤولون إيرانيون يومًا ما، حينما سقطت صنعاء بأيدي الميليشيات الحوثية والمخلوع صالح، ستنهض يومًا، وتنتصر لهويتها العربية والإسلامية.
كل ذلك سيعود وبشكل أفضل من السابق بجهود هذه البلاد، وجاراتها من دول الخليج، النموذج الأكثر نجاحًا خلال عقود، سواء على مستوى تجاوز الأزمات السياسية في منطقة الشرق الأوسط، المنطقة الأكثر صراعًا، أو على المستوى الاقتصادي من خلال تجاوز أزمات الاقتصاد العالمي بنجاح وذكاء، هذه الدول التي تنقل شعوبها بشكل تدريجي، وتركيزها على التعليم والتأهيل لمواطنيها، حتى أصبحت نموذجًا ناجحًا في التعاون والتكامل.
هذا الدور المهم هو دور صعب ومعقد، ويحتاج إلى العمل الجاد والمكثف على المستويين السياسي والاقتصادي، ودعم كل ذلك بعمل إعلامي يقظ ومتنبه، لا تُثار ضده الحملات الإعلامية وهو في سبات، بل لا ينفي ويصحح فحسب، وإنما يبادر بدوره، ويؤكد على المكانة الإقليمية لهذه البلاد، وموقفها العادل من الجميع، وحرصها على تحقيق السلام في المنطقة، وسعيها لدعم الدول في تحقيق مكانتها واستقرارها الداخلي، وكشف تدخلات الحكومات الإرهابية في المنطقة في الشؤون الداخلية للدول العربية، كما تفعل إيران بشكل علني، وكما تظهره أطماعها التوسعية في الدول العربية، هي أدوار قد تبدو صعبة لكن إيماننا بها، وأهميتها، يجعلنا نتجاوز الخطر والفوضى التي تنثرها إيران، وبمستويات مختلفة، في معظم دول العالم العربي.