د.ثريا العريض
كل يوم أتثاقل أن أفتح وسائل التواصل لما تحمله من تدفق بأخبار تحمل الغم. صحوت اليوم الجمعة بالعكس على رسالة في الفيسبووك أسعدتني بها فنانة تشكيلية شابة من المنطقة الشرقية نور هشام السيف تخبرني بأنها حضرت معرضا فنيا بثيمة «تدفق» في جدة, والتقت بابنتي نور الدباغ المنسقة له وتعرفت عليها, كما أكدت لي سعادتها بما رأت في المعرض وبطريقة التنسيق المتفردة التي أشرفت عليها مؤسسة «بنفس- جيل».
كذلك جاءتني رسالة أخرى بالواتسآب من الصديقة دكتورة لبنى غلاييني من ابنتها التي حضرت المعرض كزائرة أيضا وأشادت به وشاركت أصدقاءها بما رأت عبر الإنستجرام. مؤسسة «بنفس- جيل» أسستها ابنتي -مؤخرا- لإدخال الفن والتراث وذائقة المجتمع في حوار حي على أرض الواقع، لها نشاطات مع مؤسسات الدولة الرسمية والثقافية، والمعرض سيستمر حتى الخميس المقبل.
ليس القصد هنا أن أتحدث عن المعرض الفني الذي عرضت فيه أعمال فنية حديثة لفنانين وفنانات بأسلوب مبتكر لتقريبه إلى الزائرين, فالمعارض كثيرة لكل الفنون التشكيلية, والفن عندنا مثمر ومحتفى به, وبتشجيع من القيادات الرسمية والفكرية، ونتطلع إلى المزيد من تفعيله في حياتنا عبر برامج هيئة الترفيه ووزارة الثقافة والإعلام وهيئة السياحة.
وقد أسعدني أن أتابع تكريم الفنانة صفية بن زقر بوسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى في افتتاح الجنادرية, أهم مناسبة ثقافية تقام في البلد على مدى 31 عاما, جنبا إلى جنب مع الدكتور عبدالرحمن الشبيلي وكيل وزارة الإعلام وعضو مجلس الشورى سابقا, والدكتور أحمد بن محمد علي، ما يؤكد إيماننا أن الفنان عمود في تاريخ الثقافة مثله مثل المسؤول الرسمي والفاعل المؤثر في ديمومة التجدد والتعبير.
لكن ما استثارني للتفكير فيما حدث من التواصل هو الدور المتنامي لاستخدام وسائل الاتصال في التواصل السريع المواكب للحدث. وفي القيام بالعمل والتنسيق والتواصل مع فريق متكامل في مدن مختلفة عن طريق الإنترنت. فقد عايشت ذلك وأنا أرى وأسمع «نور» تستكمل الاستعدادات متواصلة عبر الجوال واللابتوب والسكايب.
هذا يدفعني إلى حث المسؤولين على تقبل الشركات العالمية للتواصل التي تقدم خدماتها مجانا للجميع, حيث يستفيد منها بالذات الشباب وذوي الدخل المحدود, في إكمال احتياجات أعمالهم عبر الإنترنت, خاصة ونحن نطالبهم للتحول من الوظائف إلى القيام بالمشاريع الصغيرة وهي عادة محدودة الموارد في مرحلة التأسيس.
أعود إلى ما بدأت به المقال وهو الرسائل التي وصلتني فأدخلت السرور على قلبي. كم من التواصل يأتي ليحمل ليس الفرح والابتهاج بحدث حقيقي, وكم منها يحمل النكد والغم ناقلا لأخبار مؤلمة ومريعة ومحزنة بكل تفاصيلها؟ تحملنا بالتوجع والإحباط والغضب, وثم نكتشف أنها كانت إشاعات كيدية مقصود بها إثارة البلبلة.
الإنسان اجتماعي بفطرته ويذوي بدنا وعاطفة لو انعدم التواصل بينه وبين الآخرين. تواصلوا وتعاطفوا إيجابيا.. تصحّوا.