ناصر الصِرامي
على الطريقة الديمقراطية العربية، أنا متأكَّد أن 99 في المائة من العرب والمسلمين لم يطلعوا على حدود وصلاحيات «أقوى رجل في العالم»، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ولم يجربوا أو يدركوا كيف تعمل الديمقراطية مهما تصاعد الخلاف والتقسيمات.
وهؤلاء الـ99 في المائة هم من يتصدرون النقاش والصراخ اليوم مع كل تعليق أو قرار يقوم به الرئيس الأمريكي، الذي وصل لقيادة «أكبر قوة في العالم» عبر انتخابات مثيرة، ومواقف جدلية من الواضح أنها لن تتوقف.
يعكف أغلبية العرب والمسلمين اليوم على التنديد والاستنكار في مشهد محزن وغاضب جدًا، لقرارات المنع من دخول أمريكا، فيما دولهم - دول العالم الثالث - لا تسمح لبعضهم بالدخول لأوطانهم أصلاً، لكن حالة الهيجان العربية والإسلامية العارمة، تجعلك تشك فعلاً أن أمريكا، أصبحت الآن هي «جنة الدنيا» وترامب خازنها؟ وهكذا فجأة تبخرت كل شعارات العداء لـ»الايمبرالية العالمية»، و»الشيطان الأكبر»، و»الصرخة» الموت لأمريكا!.
ومن اللافت، أن رموز دينية محلية وإسلامية، وكانت تعد من عقود أن سقوط أمريكا مسألة قريبة جدًا، وأن هذه الولايات المتحدة بكل ما تقدمه من «فسق وفجور للعالم»..الخ..الخ، تقف اليوم في وجه حظر مؤقت لسبع دول عربية وإسلامية تدور في فلك إيران إذا ما استثنينا السودان، أو قريبة منها، فيما كانوا قبل نحو شهرفقط ينددون بواشنطن وعلاقتها بإيران والمؤامرة الإقليمية لتمكين طهران..!
في المقابل أصبحت صور «الكنائس»، ومظاهرات يشارك فيها بإعلام أندية «المثليين»، ولأنها فقط ضد أمريكا التي «يكرهونها» تحمل لافتات ضد حظر مؤقت لتلك الدول، أصبحت تتصدر حساب دعاة ومشايخ وجمهورهم!.
والسؤال التالي، ماذا لو أن رئيس دولة عربية أو إسلامية لها قيمة - مثلاً-، استطاع منع دخول ديانة أو جنسية غربية لبلاده؟، كيف ستكون ردة فعل الشارع العربي والإسلامي؟!، وكيف ستكون ردة فعلهم أنفسهم من منابرهم الواقعية أو الافتراضية... أترك الجواب لخيالكم..!
ثم أمامنا اليوم كثيرون ممن كانوا يشككون بكل المنظمات الحقوقية والإنسانية حول العالم، حيث أصبحت هي شاهدهم ودليلهم لنقد السياسات الأمريكية الداخلية، فيما هم عاجزون أو محرومون من التعليق على بلدية محلية تدير شؤون حيهم المحروم من أبسط خدمات الصرف الصحي والنظافة وبعض الحقوق..!
للتذكير، الدستور الصادر عام 1787، يمنح الرئيس الأمريكي صلاحيات على المستويين الداخلي والخارجي، وتكون له الكلمة الحسم في القرارات الكبرى التي تمر عبر عدد من الوزارات والأجهزة، وهو المسؤول الأول عن السلطة التنفيذية للحكومة، والقائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو من يملك حق فرض حالة الطوارئ في البلاد ويعلن التعبئة. ويحق له أن يستخدم سلطته لحفظ النظام، وبإمكانه أيضًا استدعاء الحرس الوطني للولايات الأمريكية في أي ولاية.
ويمكن للرئيس الأمريكي إرسال قوات عسكرية إلى مناطق خارج البلاد لفترة محددة، وإذا أراد تمديد مهمة القوات المرسلة فعليه الحصول على موافقة الكونجرس. كما هو حال صلاحية إعلان الحرب.
في مقابل الصلاحيات، يحق للكونجرس الأمريكي بمجلسي الشيوخ والنواب عزل الرئيس، بعد إدانته بالخيانة، أو الفساد، أو أي جرائم أو جنح خطرة. وسبق أن تعرض ثلاثة رؤساء أمريكيين للمتابعة القضائية، وهم أندرو جونسون (1968) وريتشارد نيكسون (1974) والثالث بيل كلينتون عام 1998 (علاقته الجنسية بمونيكا لوينسكي)، إلا أن مجلس الشيوخ برأ كلينتون وأندرو، بينما استقال نيكسون قبيل إدانته في فضيحة «ووتر غيت».??
هذه أمريكا التي تدير نفسها عبر آلياتها الديمقراطية والقانونية، وجدلها وحوارها الداخلي حتى وإن وجدناه ساخنًا وحادًا اليوم بفضل شبكات التواصل والإعلام الاجتماعي، مع بعض وجهات نظر دولية فقط حوله.. لكن الثابت أننا كعرب لسنا جزءًا منه ولن نكون.. ولا يمكننا ذلك، وعلينا المشاهدة والتعلم ليس إلا...!