فهد بن أحمد الصالح
بعد استقلال الاتحادات الرياضية وإعادة تكوينها بشخصية اعتبارية خاصة أصبح لدينا طموح كبير بتحقيق نتائج مميزة سواء داخل المنافسات المحلية أو على المستوى العالمي لأننا كمواطنين انتظرنا النتائج المشرفة طويلاً ولم تأت إلا من بعض الاتحادات التي لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة بالرغم من وجود ما يزيد عن 30 اتحادًا رياضيًا، وتم تسمية رؤساء كافة الاتحادات في الشهر الماضي وتشكيل عضوية مجالسها التي صدرت بموافقة من سمو رئيس الهيئة الرياضة، ولأن الحكم مسبقًا على العطاء ربما هو تجني على تلك الاتحادات حتى وإن كنا نعيش على مرارة الإخفاق في السنوات أو العقود السابقة، ولكننا مطالبون بالتفاؤل في كل مناحي الحياة ومنها المستقبل الرياضي بعد التعديلات الرئيسة الجديدة ورؤية المملكة 2030 وبرنامج التحول الرياضي 2020 ومبادرات هيئتنا الرياضية وسنخصص الحديث عن بعض المحددات الرئيسة للمستقبل وهي دون شك لم تغب عن المعنيين ولكن من باب المشاركة والتأكيد على ضرورتها وهي:
الخطة الاستراتيجية: يدرك الجميع أن كل عمل لا يقوم على خطة استراتيجية وخطة تشغيليه سيعتمد على الاجتهادات الشخصية التي لا تأتي باستمرار بخير، وهو ما نتطلع إليه في تلك الاتحادات التي نقدر مجالسها كثيرًا لأنها أتت من باب المسؤولية الاجتماعية الفردية والجماعية لخدمة الوطن من خلال تلك الاتحادات، وأول الخطوات الفعلية هي العمل مع المختصين والمهتمين لصياغة خطة قابلة للتطبيق وبأهداف ممكنة القياس ولا بد من عقد ورش عمل متعاقبة للوصول لذلك الطموح مع جعله مرحليًا وزمنيًا وخلال مدة السنوات الأربع وإقرار مؤشرات الأداء التي يمكن من خلالها معرفة المتحقق والانحراف عن الخطة الزمنية لكل هدف حتى يسهل العلاج ولا يطول الانتظار للإنجاز المشرف.
الرعايات: لقد أصبح القطاع الخاص مدركًا أكثر مما مضى لواجبه تجاه المجتمع وأين يمكن أن تكون مسؤوليته الاجتماعية وكيف يساند برامج وفعاليات نتيجتها النهائية تعود على الوطن وشبابه، والرعاية للأنشطة الرياضية يمكن من خلالها تحقيق هذه الثقافة وذاك الطموح ومعها سيجني القطاع الخاص عديدًا من المنافع والانتشار التجاري وتحسين الصورة الذهنية لوجوده المجتمعي، ولكن على الاتحادات أن تحسن تقديم نفسها إذا كانت تبحث عن رعاية لفعالياتها وأنشطتها ومشاركاتها وتعمل على صياغة رسالة ورؤية حقيقيه وأهداف مقننة ودقيقة وبرنامجًا زمنيًا للمشاركات المحلية والعالمية مع قياس الأثر لهذه الرعايات حتى يقتنع القطاع الخاص بفائدتها بل قد يشارك في بنائها من الأصل.
الشراكات: ستحتاج جميع الاتحادات إلى شراكات تكاملية مع الكثير من المعطيات الوطنية والجهات العامة والخاصة والأهلية وهذا فيه استثمار حقيقي للإمكانات الموجودة فالقوات المسلحة الثلاث تستطيع أن تقدم الكثير وكذلك وزارة التربية والتعليم من خلال المدارس والجامعات والتعليم الفني والتقني واتحاد الرياضة المدرسية واتحاد الجامعات السعودية وأمانات المدن من خلال مشروعات الأنسنة وبالمثل القطاعات المعنية بالصحة العامة والصحة المدرسية في وزارة الصحة واستثمار الاتفاقيات التي وقعت مع عديد من القطاعات العامة، إضافة لفوائد تلك الشراكات فإن تلك القطاعات ستتحمل الكثير من مصروفات أنشطة الاتحادات وبرامجها فذلك كله يدار تحت مجلس واحد للاقتصاد والتنمية.
الاستقطاب: لقد تجاوزنا مرحلة أن العطاء مقصور على عضوية الاتحادات لأن المهتمين بالألعاب الرياضية ربما لا يكونوا ضمن الأعضاء الرسميين ولكن يجب أن يستقطب المهتم في كل اتحاد من الاتحادات الرياضية ويترك المجال له ليعطي رأيه من خلال اللجان التي ستشكل في كل اتحاد ويدعي بكل الوسائل اللاعبين البارزين المعتزلين لتقديم تجربتهم ولنا في اتحاد الكاراتيه والطائرة واليد وغيرها من الاتحاد وإن كانت قليلة العبرة في استفادتها من البارزين من اللاعبين السابقين، ومع استقلالية الاتحادات فإنها ستحتاج إلى بارزين وأصحاب خبرة في تنمية الموارد المالية وكذلك إلى بارزين في الإعلام التقليدي والحديث الذي يستطيع أن يلفت الانتباه لعطاء الاتحاد بدل من التركيز على اتحاد القدم.
ختامًا.. لا يرغب المجتمع بكامله أن تكون هذه الدورة لجميع الاتحاد والمحددة بأربع سنوات كغيرها، أو أن يأتي العطاء فيها بصورة لا تواكب اهتمام القيادة ولا طموح المواطن ولا تُشرف بالتالي الوطن أو تواكب الجهد والمال الممنوح لها، وهي في المجمل نشاطات واتحادات تمس أكبر شرائح المجتمع وهم الشباب الذي يتطلع سواء كان لاعبًا أو متفرجًا أن ترتفع هامته من خلال الإنجازات والميداليات التي يقتنصها كل اتحاد ويقدمها هدية وطنية ذات قيمة حقيقية، ويدرك الأحبة في مجالس الاتحادات أن هذه الفترة وما بعدها ستكون سنوات عطاء ولا مجال لمُنظر أو مُطمئن أو مُسكن وعلى غير القادر ترك المجال للقادر فقد طال انتظار التَّميز الوطني الرياضي وأصبحنا نناجي أنفسنا بحثًا عنه في المجهول.