في السابع من يوليو العام الماضي 2016م وصلت إلى مدينة دبي لقضاء إجازة عيد الفطر وكان ذلك اليوم هو موعد المباراة النارية في نصف نهائي كأس الأمم الأوروبية بين المنتخب الفرنسي ونظيره الألماني وعلى الرغم من حرصي على الوصول إلى دبي قبل بداية المباراة بوقتٍ كافٍ غير أن رياح موعد رحلة الطيران جرت بما لا تشتهي سُفُني، فوصلت قبل صافرة البداية بنصف ساعة تقريبًا وعندما دخلت الفندق لأضع أمتعتي لم يتبق سوى ربع ساعة فلم يكن هناك من خيار سوى الاستماع لنصيحة أحد العاملين في الفندق والتوجه إلى المجمع التجاري (دبي مول) الذي لا يبعد كثيرًا عن مقر إقامتي وهناك توجهت إلى صالات السينما حيث قامت شركة (ريل سينما) بتخصيص صالتي عرض لمشاهدة المباراة إحداها بتعليق عربي والأخرى بتعليق إنجليزي وصُدمت عندما علمت بأن صالة التعليق العربي قد امتلأت عن بكرة أبيها من المشاهدين فذهبت لمشاهدة المباراة في صالة التعليق الإنجليزي ولا أخفيكم سرًّا رغم سوء المعلّق الإنجليزي وعدم معرفتي لما يقول إلا أن تلك المباراة من أجمل المباريات التي شاهدتها، حيث الشاشة العملاقة والكراسي المريحة وخدمة المشروبات والمأكولات الخفيفة فكانت فكرة ذكية من مسؤولي السينما لاستغلال المباريات الجماهيرية وعرضها.
هذه المباراة ذكرتني بتجربة جميلة بادرت بها شركة زين السعودية مع بداية مونديال 2010 في جنوب إفريقيا حيث قامت زين باستئجار مبنى (هنقر) بالقرب من الصالات الرياضية الخضراء المغلقة بالعاصمة الرياض التابعة للهيئة العامة للرياضة وتم عمل ديكور بسيط ووضع مدرجات وشاشتي عرض عملاقتين إضافة إلى مطعم صغير متنقل وكان سعر الدخول مناسبًا لكل الفئات العمرية وللأمانة حضرت أكثر من مباراة في تلك الصالة فوجدت الفرحة تملأ كل الشباب الحاضرين والكل يشجع بحماس المنتخب المفضل لديه في أجواء جميلة وآمنة.
إن سلسلة الاتفاقيات التي أبرمها سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -وفَّقه الله- قبل بضعة أشهر مع كبريات شركات الترفيه في العالم إبان زيارته للولايات المتحدة تجعل مستوى التطلعات نحو صناعة الترفيه في المملكة يرتفع ويدعو للتفاؤل بمستقبل باهر خصوصًا مع شحّ أدوات الترفيه وندرتها في الوقت الراهن وأحيي بهذه المناسبة معالي رئيس الهيئة العامة للترفيه الاستاذ أحمد الخطيب وجميع زملائه على جهودهم الخيّرة ومساعيهم النبيلة لتقديم مُنتج ترفيهي يتناسب ومتطلبات السوق السعودي خصوصًا في قطاع الشباب وما بدأنا نلمسه من خطوات في هذا الاتجاه يستحق الإشادة والتقدير.
إن ما ذكرته آنفًا حيال تجربتي في دبي والرياض أوصلني لقناعة بأن أي مشروع في هذا الإطار سيكون ناجحًا بكافة المقاييس، كما أن الإيجابيات المترتبة على تبنّي هيئة الترفيه ما يمكن تسميته بـ(السينما الرياضية) أكثر من أن تُعد وتحصى لكنني سأحاول اختصارها في نقاط سريعة تمثل جوهر المقترح الذي أقدمه لمعالي رئيس هيئة الترفيه:
أولاً: إعداد نموذج لصالة كبرى مستوفية لكافة شروط السلامة الوقائية ومكتملة الخدمات من مُصلى ومطعم وإنترنت ودورات مياه وأماكن مخصصة للمدخنين على اعتبار منع التدخين داخل الصالة.
ثانيًا: اختيار شاشات عرض عملاقة عالية الجودة ومقاعد مريحة تماثل مقاعد صالات السينما في دبي مثلاً.
ثالثًا: طرح هذه المواصفات في منافسة عامة للشركات المتخصصة داخل المملكة أو خارجها لتنفيذها خلال فترة وجيزة.
رابعًا: التنسيق مع وزارات الداخلية والدفاع والحرس الوطني والشؤون الإسلامية والثقافة والإعلام والهيئة العامة للرياضة ومركز الملك عبدالعزيز -رحمه الله- للحوار الوطني وكرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله- للقيم الأخلاقية ومركز الأمير خالد الفيصل للاعتدال وذلك لإثراء محتوى شاشات العرض خلال فترة ما قبل بدء المباريات وما بين الشوطين وبعد نهايتها واستغلالها لتمرير رسائل الأخلاق الإسلامية السامية الوسطية السمحة والمُثل الأخلاقية العالية وإبراز تضحيات جنودنا الأبطال وهم يذودون عن حياض الوطن وحدوده وكذلك ملاحم رجال أمننا البواسل وهم يحمون مدننا وقرانا لننعم بعد الله سبحانه وتعالى بالأمن وممارسة الحياة الطبيعية.
خامسًا: تحديد أسعار التذاكر بمبالغ تناسب فئة الشباب ولا ترهق ميزانيتهم أو ميزانية أولياء أمورهم.
هذه النقاط هي تقريبًا مختصر ما أردت الوصول إليه وما أرجو أن أراه على أرض الواقع وهي بلا شك اجتهاد شخصي لا يخلو من النقص والخلل ويبقى مقترح بسيط عسى أن تتبناه هيئة الترفيه وتطوّره وترعاه ليستوي على سوقه، إن شباب هذا الوطن الغالي يستحق الكثير وحمايتهم من مزالق الانحراف بطَرَفي نقيضه (الفكري والسلوكي) هو مسؤولية وطنية بامتياز تحتمها طبيعة المرحلة الدقيقة التي نمرّ بها وما شاهدناه ونشاهده للأسف من شباب في عمر الزهور أصبحوا وحوشًا في مناطق الصراع تحت ذريعة الجهاد كذبًا وزورًا وكذلك ما تنقله لنا وسائل التواصل الاجتماعي من قصص القتل والعقوق وهتك الأعراض والانحراف السلوكي مما يشيب له الرأس.
يا كُلَّ الآباء والأمهات يا كُلَّ المعلمين والمعلمات أوصيكم خيرًا بأبنائكم فهم عماد وطننا الغالي ورجال الغد، ابذلوا كل ما بوسعكم لكيلا يبتعدوا عنكم راقبوهم بعطف وحرص وخوف عليهم وليس لأجل عقابهم وضربهم وتأنيبهم، أن أعظم استثمار هو الاستثمار فيهم باستكشاف مواهبهم وتنميتها ومنحهم الفرصة ودعمهم عسى ربي أن يحفظهم ويقرّ أعينكم بصلاحهم ويقرّ عين الوطن بنجاحهم وعلى دروب الوطن دومًا نلتقي.
- محمد السالم