من الطبيعي أن يتسع صدر مَن يكون في قمة المسؤولية في أي موقع يقدم الخدمات التي توفرها الدولة لأبناء الوطن، ليستمع إلى آرائهم في مستوى الخدمات، ويتعرف على سبل تحسينها، ويقف على احتياجاتهم منها، وتلك هي واجبات المسؤولية التي دائمًا ما يشير إليها ويوجه بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يحفظه الله، فهو يحرص على أن يُذكّر أبناء المملكة بما يقع على عاتقهم من مسؤوليات، يفرضها علينا جميعاً شرف الانتماء إلى هذا الوطن الذي يعيش حالة تنموية جديدة ستكون بعون الله فريدة في تاريخ هذا الوطن على مدى مسيرته في البناء والتنمية والتطور، وسيتم ذلك بتضافر الجهود، وتعاون الجميع في ظل قيادتنا الواعية الحكيمة.
وتتطلب هذه الفترة من تاريخ الوطن ـ يا معالي وزير التعليم ـ أن تتلمسوا حاجات المواطنين ومطالبهم من التعليم في مختلف أنحاء المملكة، فالتعليم هو قاطرة التنمية للأوطان، وقد أثبتت تجربة المملكة في اهتمامها بالتعليم ونشر خدماته على مدى السنوات الماضية، أن التعليم هو أفضل الطرق لبناء الإنسان وتنمية الوطن، ولذلك أولت الدولة التعليم في مختلف مراحله وأنواعه اهتمامها في خطط التنمية الشاملة، ثم جاءت رؤية المملكة 2030 لتحمل المزيد من العناية والاهتمام بالتعليم في إطار تعبيرها عن آمال الحاضر وطموحات المستقبل المشرق للمملكة، وقد أكدت الرؤية ـ كما يعلم معاليكم ـ على ترسيخ القيم الإيجابية في شخصيات الأبناء، وتطوير المنظومة التعليمية والتربوية بجميع مكوناتها، وتطوير التعليم العام، وتوجيه الطلاب نحو الخيارات الوظيفية والمهنية المناسبة، وإتاحة الفرصة لإعادة تأهيلهم، والمرونة في التنقل بين مختلف المسارات التعليمية وتوفير تعليم يسهم في دفع عجلة الاقتصاد، وسد الفجوة بين مخرجات التعليم العالي ومتطلبات سوق العمل.
وأجدها فرصة يا معالي الوزير لتوجيه الشكر للوزارة الموقرة لما تبذله من جهود وتقوم به من برامج تربوية لحماية الطلاب ووقايتهم من الفكر المتطرف والسلوك المنحرف، وإنْ كان هذا يحتاج إلى رسالة خاصة متأنية.
غير أن رسالتي التي أثق أنها ستنال اهتمامكم قد اعتملت في الأذهان وترددت في الخواطر، ونحن نتابع بكل الاعتزاز والفخر قيام صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض بتدشين مشروعات بجامعة شقراء، بلغت تكلفتها الإجمالية أكثر من نصف مليار ريال، وكان ذلك بحضوركم وبحضور معالي مدير جامعة شقراء. فقد شملت المشروعات العديد من المجمعات الأكاديمية للطالبات، وكذلك المدن الجامعية للطلاب، والكثير من المشروعات التوسعية التي تجسد اهتمام الدولة ودعم القيادة للتعليم بما يعود بالفائدة على أبناء الوطن.
وقد جاء تدشين المشروعات الجديدة للجامعة في إطار الدعم السخي والميزانيات المتوالية، التي توفرها الدولة لبناء مرافق الجامعة في جميع محافظات نطاقها الأكاديمي.
وهنا نتساءل يا معالي الوزير عن احتياجات أبناء محافظة مرات من التعليم الجامعي وخدماته التي نرجو ألا يطول انتظارها، فنحن نسجل بكل الشكر والثناء ما شهدته مرات في هذا العهد الزاهر من خدمات تعليمية وصحية وثقافية واجتماعية وأمنية وغيرها، وذلك لما تُوليه قيادتنا أيدها الله من أهمية بالغة لتنمية الوطن والمواطن، وفي ظل هذا الاهتمام المتزايد أخذت مرات تشهد المزيد من الاتساع والنمو والتمدد في مختلف الاتجاهات، حتى أصبحت واحدة من المدن الشاهدة على ثمرات التنمية في المملكة في هذا العهد الزاهر الميمون.
وفي ظل النمو السكاني الذي تشهده محافظة مرات أصبحت حاجاتها تتزايد إلى الخدمات، وهي إلى الخدمات التعليمية أكثر حاجة، فهي حاجة ضرورية وملحة، خاصة بعد أن تزايدت أعداد الخريجين والخريجات من المرحلة الثانوية، وأصبحت الحاجة أكثر إلحاحًا إلى افتتاح كليات جامعية للبنين والبنات بالمحافظة، ودعمها وتطويرها لخدمة مرات، والمراكز والقرى التابعة لها، وإزالة العقبات التي قد تعترض افتتاح تلك الكليات وتطويرها لتستوعب كافة أبناء وبنات المحافظة، ومتابعة بذل المزيد من الجهود التي تضمن التحسين المستمر حتى تصل خدمات التعليم الجامعي في مرات إلى أفضل المستويات التعليمية.
إننا يا معالي وزير التعليم نُدرك أن الوزارة تسير في تنفيذ مشروعاتها التوسعية، وفق نظام التخطيط الذي يقوم بحصر الاحتياجات وتحديدها والعمل على تسديدها بناءً على خطط زمنية، وفي ذات الوقت فنحن على ثقة أن وزارة التعليم في المملكة ليس في إمكانها أو في وسعها التراخي عن توفير الاحتياجات التعليمية في ظل توجيهات قائد المسيرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يحفظه الله الذي جعل التعليم في قمة اهتماماته، وهو يبني الوطن ويقف به على طريق المستقبل الزاهر السعيد، وقد ترجم المسؤولون في الدولة هذه التوجيهات في أقوالهم وأفعالهم، ولعل هذا هو صميم ما عبَّر عنه معالي مدير جامعة شقراء بمناسبة تدشين مشروعات الجامعة، حيث قال معاليه «إن صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز يتابع مسيرة الطلاب والطالبات والعملية الأكاديمية، وتذليل وحل الإشكالات دون تأخير، وهذا هو ديدن حكومتنا الرشيدة في تشجيع العمل الجامعي وتسليح جيل المستقبل بالعلم وحثهم على الابتكار والتطوير».
إننا يا صاحب المعالي نتطلع إلى تحقيق طموحات أبناء محافظة مرات وما حولها في توفير خدمات التعليم العالي، حتى لا يظل خريجو وخريجات الثانوية العامة من مدارسها يعانون من عدم توفر فرص مواصلة مشوارهم التعليمي الجامعي، كما يعانون من التردد اليومي على الكليات الجامعية في المدن والمحافظات الأخرى، ويتعرضون لمخاطر الطرق اليومية، كما أن بعضهم لم يتمكن من مواصلة تعليمه الجامعي لعدم وجود كليات جامعية في محافظة مرات، على الرغم من إعلان جامعة شقراء منذ حوالي ثلاثة أعوام عن افتتاح سبعة أقسام للبنات في شعبة محافظة مرات، لكن الجامعة سرعان ما تراجعت ولم تتح فرصة القبول والتسجيل إلا في ثلاثة أقسام وهي الرياضيات، الإنجليزي، إدارة الأعمال، ولحق هذا التراجع أيضاً إغلاق قسمي الرياضيات والإنجليزي، فلم يتبق إلا قسم واحد وهو قسم إدارة الأعمال وتم إيقاف القبول والتسجيل فيه منذ العام الماضي 1437هـ بالرغم من الأعداد الكبيرة من الطالبات المقيدات في هذا القسم، وتم استبداله هذا العام بقسم رياض الأطفال، ولم يشهد هذا القسم الإقبال المأمول فيه.
إن هذه الرسالة نأمل أن تجد اهتمام معاليكم، وأن نرى الإجابة عليها واقعًا يسعد به أبناء محافظة مرات في وقت قريب. والله الموفق.
- وكيل الوزارة، بوزارة الثقافة والإعلام «سابقًا»