تحرك مسرحي تربوي شهدته مختلف مناطق المملكة خلال هذا الفصل الدراسي، أوقد مشاعل الأنشطة ونفض الغبار عن خشبات المسرح المدرسي التي خلت لفترة من الزمن من مزاولة الطلاب لمسرحهم التربوي. حيث نظمت وزارة التعليم ممثلة بإدارة النشاط الطلابي والثقافي عديدًا من المنافسات المسرحية في مختلف المناطق كانت موجودة في السابق لكنها لم تكن بهذا الكم والوهج، ومما زاد هذا البرنامج المسرحي قوة وتميزًا هو استعانة إدارة النشاط الثقافي بخبراء المسرح التربوي الذي استدعت حتى المتقاعدين منهم ليكون للبرنامج المسرحي حضور وفائدة أكثر بحضور تلك الكوكبة من الخبرات المسرحية، هذا أمر يشكر عليه مهندس النشاط الثقافي الاستاذ بندر العسيري وهو صاحب تجربة ورؤية فيما يطرح ولديه من الخطط والبرامج التي تصب في مصلحة المدرسة والطالب وأتمنى أن ترى النور. الوزارة يجب عليها أن تساند جهود وخطط النشاط الطلابي التي تهدف إلى دعم مواهب الطلاب، وعلى مستوى المسرح نحن نعلم أن مهمة المسرح المدرسي ليست تخريج الممثلين ولا ينبغي أن يكون هذا هو الهدف، لأنه نشاط تربوي من المهم أن تضمنه الوزارة في المنهج التعليمي ليقدم بإشراف معلمين أكفاء تلقوا التدريب الكافي ليشرفوا بوعي على أهم نشاط في المدرسة ليحقق لها التنوع في طرح المعلومة والجاذبية، وفي المدرسة يأتي أبو الفنون (المسرح) الذي اسميه في المدرسة أبو (النشاط) لأنه تنضوي تحت عباءته وفوق خشبته الأناشيد والمشهد المسرحي والإذاعة المدرسية وإلقاء القصائد والنثر والأناشيد الوطنية ويحقق للطلاب المشاركين الجرأة والقدرة على مواجهة الجمهور الشجاعة الأدبية وينمي لديهم روح الفريق من خلال الروح الجماعية التي تسكنهم ويحقق للمشاهدين المتعة، إذا تم إتقانه من خلال ما يرسمه من بهجة وتفاعل جماعي.
الوزارة ليس لها حتى الآن مهرجان مسرحي للطلاب ما عدا مهرجان الفرق المسرحية للمرحلة الثانوية وهو مهرجان جميل لكنه متعثر يقام سنة ويتوقف بضع سنوات ثم إنها بحاجة إلى مهرجان لمسرح الطفل للمدارس الابتدائية للبنين وأيضًا للبنات. والمدارس من خلال تجربة شخصية لديها الاستعداد للمشاركة ولديها من الطاقات المبدعة سواء معلمين أو مواهب طلابية يمكن لها أن تقيم عشرات المهرجانات والمناسبات، وهذا هو دور الوزارة في رعاية مواهب الطلاب - وهذه مسؤوليتها وإن قام بها غيرها، فهذا يحدث في مناسبات قليلة وهو فرض عين على الوزارة لا يسقطه قيام غيرها به. المسرح في كثير من المدارس متعطل حتى إشعار آخر منذ أن تم إلغاء مسمى النشاط (المسرحي) واستبداله بـ(الثقافي) في فترة سيطرت (فيه) فئة لا تؤمن بالأنشطة ولا بالمسرح التربوي!! وألغيت وظائف المشرفين المسرحيين في إدارات التعليم وتقلصت برامج التدريب. والمنافسات المسرحية التي تقام حاليًا على أهميتها يجب زيادة عددها بالنظر إلى إعداد المدارس وعدد الطلاب وأن تشمل الطالبات أيضًا فلدى الطالبات الكثير من المواهب في الإنشاد والمسرح وغيره.
في مهرجان اليوم العالمي للطفل الذي تنظمه وزارة الثقافة والإعلام في كل عام لمست عن قرب تعطش المدارس الابتدائية (بنين وبنات) لوجود مناسبة مسرحية يعرضون من خلالها مشاركات الطلاب الوطنية والاجتماعية والأناشيد وتلك التي تتعلق بتأكيد القيم الاجتماعية والدينية وتحق تنمية مواهب طلابهم.
وفي العام الماضي شاركت ما يقارب من عشرين مدرسة ابتدائية في مهرجان اليوم العالمي للطفل قدمت الأناشيد والأوبريتات والإلقاء والمشاهد المسرحية. لكن المسرح المدرسي ليس فقط عرضًا يقدم خارج إطار المدرسة بل مساهم في إيصال المعلومة والقيم والبهجة داخل الفصل المدرسي وفي الإذاعة المدرسية الصباحية وفي المناسبات التي يفترض أن تحتفل بها المدرسة.
المسرح المدرسي مازال بحاجة إلى توجه يدعمه معالي الوزير لتكون المدارس أكثر جاذبية من خلال الأنشطة، وليجد الطالب الموهوب فرصته لمزاولة ما يحب ويشاهد ما يرغب.
المسرح ليس ترفًا لكنه مساهم مهم تربويًا في صياغة أفكار الطلاب وتوجهاتهم وإكسابهم الأفكار الإيجابية، ولن أقول إنه سيحارب مثلاً الإرهاب كما يطرح ذلك بعض المسرحيين، لكنه سيضيء للطالب من خلال القصائد والإلقاء والمشاهد المسرحية ما قد يخفي عليه، ويسهم مع المقررات المدرسية ما ينمي فيه حبه لدينه ثمَّ وطنه وقيادته. أليس هذا من أهم أهداف واستراتيجيات التعليم؟
alhoshanei@hotmail.com
تويتر alhoshanei @