لم يكن الخبر ساراً عندما تلقيت مكالمة هاتفية ليلة الأحد الموافق 24-4-1438هـ. يخبرني فيها بوفاة أخي وزميلي الشيخ عمر بن سليمان بن محمد العُمري «أبو أحمد». فقد كانت صدمة قاسية هزت مشاعري ومشاعر الغير من محبيه وأسرته جميعاً.. ولكن في الوقت نفسه تذكرت قول الله عز وجل {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} عندئذ هانت المصيبة. فاسترجعت إلى الله بما يجب أن أردده {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }. ولا شك أن الموت مصير كل حي يعيش في هذه الدنيا مهما طال عُمر الإنسان أو قصر. وأن مآله الانتقال من دار الفناء إلى دار البقاء. إذا جاء أجله المحدود ويومه الموعود فهو لا يتقدمه ولا يتأخر عنه. وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور. ولهذا فمهما بلغ الإنسان من عمر مديد ومال وفير وصحة ونشاط يجوب بها أقطار المعمورة والاستئناس بالأهل والأولاد والأصحاب فلا بد له في يوم من الأيام مفارقتها وهذه سنة الله في خلقه.
والفقيد رحمه الله معروف بحب الخير ويتحلى بالأخلاق الطيبة التي يتصف بها. كان زميلاً يعمل بجد ونشاط وإخلاص عندما كان مديراً لمستودع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان يتصف بالحرص والأمانة على ما يوكل إليه من أمور مهمة في هذا النشاط وفي محيط عمله الذي أسند إليه، حتى وبعد أن انتقل عمله إلى فرع الرئاسة العامة بمنطقة الرياض لا يألوا جهدا في مواصلة عمله بالواجب الذي تبرأ به ذمته.
أحبه الكثير من زملاء العمل وممن عرفه نظرا لما يبذله نحوهم من المحبة والتقدير للجميع بنفس مطمئنة ولا يضمر في نفسه حقدا على أحد حتى تمت إحالته على التقاعد بعد بلوغه السن النظامية.
كان رحمه الله يتصل بي هاتفيا يستفسر عن حالتي وعن حالة الأسرة وأبادله الاتصال إذا طالت مدة الغياب. ولا أنسى ما تكرم به منذ سنتين عندما علم أن أحد أبنائي قد توفي وهو في طريق رجوعه من مكة المكرمة بعد أدائه للعمرة. أن أتى إلى البيت للتعزية قبل ذهابه إلى منزله، فقال لي بالحرف الواحد: علمت وأنا في الطريق بوفاة الابن، فأحببت أن أقدم واجب التعزية لك ولإخوانه فشكرته على ذلك، ولهذا فقد دامت الصداقة بيننا تسودها المحبة والتقدير والاحترام.
لقد رحل أبو «أحمد» من هذه الدنيا أسوة بمن كتب الله عليهم الرحيل منها صابراً محتسباً، ومن كان يتمتع بنعيم الحياة الدنيا فهو سائر في هذا الطريق حتى يأتي أجله المحدود الذي كتبه الله عليه ولا مفر منه.
إنني وعبر هذه الأسطر المتواضعة وبواسطة جريدة «الجزيرة» المفضلة أشاطر إخوانه وأبنائه وكافة أسرة الفقيد وزملاء العمل سابقاً الحزن والأسى على ما قدره وقضاه.. فالمصيبة عظيمة والخطب جلل. والأمر إليه سبحانه من قبل ومن بعد. فعظم الله أجر الجميع وأحسن العزاء وجبر المصيبة.. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }.
واستشهد بقول الشاعر
إني أعزيكم لا أني على ثقة
من الحياة ولكن سنة الدين
فلا المعزي بباقٍ بعد تعزيته
ولا المعزى ولو عاشا إلى حين
وقيل أيضا..
هو الدهر قد جربته وعرفته
فصبرا على مكروهه وتجلدا
وما الناس إلا سابق ثم لاحق
وآبق موت سوف يلحقه غدا
ودعاؤنا إلى الله العلي القدير أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه بمنه فسيح جنته ويلهم الجميع الصبر والسلون والحمد لله على قضائه وقدره.
عبدالعزيز بن عبدالله السليمان الحميد - الرياض