سلمان بن محمد العُمري
كنت قد بدأت في كتابة مقالة مخصصة لهذه الزاوية عن الوقف ولا سيما بعد حضور أحد المؤتمرات المتخصصة بدولة الكويت الشقيقة، وأشرت إلى ما يؤكده الباحثون والمختصون على أهمية تحفيز الجامعات على أن تدرج في خططها الدراسية مفردات تعنى بالوقف وتاريخه ومفاهيمه، وأثره في تشييد الحضارة الإسلامية، وأهميته في دعم مسيرة التنمية، ومساندة الجهود الرسمية في عملية البناء والتطوير للمؤسسات الاجتماعية والصحية والتعليمية والاقتصادية، والدعوة إلى إنشاء مركز أبحاث للدراسات الوقفية ليكون حلقة البحث والاتصال مع الجهات العلمية العالمية لتحقيق استنباط وتنسيق الدراسات ذات الصلة بمفهوم الوقف الإسلامي؛ لنشر الوعي بأهمية الوقف، وتبيان فقه الوقف ومآثره، واستحداث سبل وصيغ لاستثمار أموال الوقف، والاهتمام بمرامي الوقف تجاه التنمية الشاملة ولاسيما التنمية البشرية للمجتمع عامة والموقوف عليهم خاصة، وتبني كل ما هو مفيد من أفكار ودراسات وآراء تدور حول وضعية الوقف؛ لتفعيل دوره في التنمية وخدمة المجتمع.
ثم قرأت خبراً مزعجاً في إحدى الصحف نسبته الصحيفة إلى مسؤول في الهيئة العامة للأوقاف أن 74 في المئة من الأوقاف في المملكة بياناتها غير مدخلة في الحاسب الآلي وهو ما يعادل 24659 وقفاً من إجمالي الأوقاف المسجلة في الحاسب الآلي، وبيَّن مسؤول الأوقاف من أنها تعاني من ثلاثة تحديات عند انطلاقها هي : الأنظمة، والرقابة، والوعي.
لقد كنا في وقت مضى نرى أن الكثير من التوصيات التي تخرج بها المؤتمرات، والندوات، والملتقيات، لا تجد طريقاً للتنفيذ على أرض الواقع، وأنه لا بُدَّ من رؤية شاملة تعتمد العلم في التشجيع على الوقف لأبواب البر والإحسان التي تمثل حاجة ضرورية للناس، وحماية أصول الأوقاف من العبث، والتعدي، والإهدار، واستثمارها لزيادة غلتها، ومضاعفة أعداد المستفيدين منها، وسرعة الفصل في النزاعات عليها، ونطالب بهذه المنهجية العلمية الواقعية وإذا بنا نصدم بهذا الرقم، فقد كانت الجهود قاصرة عن تحقيق الهدف المنشود في إحياء هذه السنة العظيمة، وإن خلصت النوايا، فالقول لا بُدَّ أن يصدقه العمل، والعمل لا يؤتي ثماره بغير العلم بشقيه: الشرعي والواقعي: الإمكانات، والظروف، والنظم، والقائمون على الأوقاف والمعنيون بها ينتظرون الكثير من هيئة الأوقاف بالعمل الجاد والتخطيط والتنفيذ فلنوقف الندوات والمؤتمرات ولنلتفت للعمل الجاد.