أُنَاجِي مَنْ أُنَاجِي إِذْ أُنَاجِي
بِشِعْرِي غَيْرَ جُبْرَانَ العُوَاجِي؟
هُوَ البَطَلُ الَّذِي بِالرُّوحِ يَحْمِي
مِن الإِرْهَابِ مَنْ لِلْأَمْنِ رَاجِي
هُوَ البَطَلُ الَّذِي لاقَى عَدُوّاً
تَدَجَّجَ بِالسِّلَاحِ وَبِالهِيَاجِ
فَأَقْدَمَ حَيْثُ أَقْدَمَ مُسْتَعِيْناً
بِقَلْبٍ لَيْسَ فِي نَبْضٍ مِزَاجِي
وَلَكِنْ رُوحُه تَسْمُو لِفِعْلٍ
بِدُنْيَاه يُمَجِّدُه بِتَاجِ
لِيَحْمِيَ مَوْطِناً مَا انْقَادَ يَوْماً
يُدَاهِنُ أَوْ يُخَاتِلُ أَو يُدَاجِي
قَد انْتَهَجَ الشَّرِيْعَةَ دُونَ زَيْفٍ
يُلَوِّثُهَا بِتَمْرِيْرِ الأَحَاجِي
بِذَلِكَ عَاشَ جُبْرَانٌ بِهَدْيٍ
يُحَرِّكُ سَاعِدَيْه بِلا ارْتِجَاجِ
وَيَمْلأُ قَلْبَه نُوْراً تَجَلَّى
لَه بِبَصِيْرَةٍ تَجْلُو الدَّيَاجِي
فَمَا اضْطَرَبَتْ جَوَانِحُه بِخَوفٍ
وَمَا نحَّى البُطُولَةَ بِاخْتِلاجِ
هُوَ البَطَلُ الَّذِي أَمْسَى مِثَالاً
سَمَا فَوْقَ التَّوَهُّجِ وَاللِّجَاجِ
فَكُلُّ مُوَاطِنِيْه بِلا جِدَالٍ
بِه افْتَخَرُوا احْتِفَالاً بِابْتِهَاجِ
بِه وَطَنِي ارْتَوَى عَزْماً فَحَزْماً
أَبُو فَهْدٍ رَعَاه بِانْتِهَاجِ
تَمَثَّلَ نَهْجُه فِي الأَمْنِ مَسْعَىً
فُجُبْرَانٌ بِه بَعْضُ النَتَاجِ
بِلَادٌ أَخْرَسَتْ أَبْوَاقَ فِكْرٍ
تَطَرَّفَ دَاعِشِيّاً بِالتَّهَاجِي
فَبئْسَ مُنَظِّرُوه رُؤَىً بِزَيْفٍ
بَدَا بِوُجُوهِهِمْ مِثْلُ السَّنَاجِ
فَلَمْ تُفْلِحْ مُنَاصَحَةٌ وَصَبْرٌ
عَلَيْهِمْ بِالتَّرَاجُعِ وَالعِلَاجِ
أُتِيْحَتْ فُرْصَةٌ لَهُم انْتِشَالاً
وَتَوْعِيَةً تُخَطِّطُ لانْدِمَـاجِ
فَلَو عَلِمُوا بِأَنَّ الأَمْنَ دِيْنٌ
وَأَنَّ الدِّيْنَ مُفْتَاحُ الرِّتَاجِ
لَمَا انْسَاقُوا وَرَاءَ الفُرْسِ زَيْفاً
وَأَخْفَوا دَاعِشاً بِدُجُى العَجَاجِ
لِيَخْسَأَ مَنْ يَظُنُّ الخَوْفَ يُخْفِي
غِوَايَتَهُمْ وَمَنْ بِالْغَيِّ سَاجِي
رِجَالُ الأَمْنِ فِي وَطَنِي عُيُونٌ
تُرَاقِبُ أَمْنَه دُونَ احْتِيَاجِ
قِلاعٌ حُصِّنُوا بِالعَزْمِ حَزْماً
وَلَيْسُوا مِثْلَ بَلُّورِ الزُّجَاجِ
بِمَوطِنِنَا لِذَلِكَ أَلْفُ أَلْفٍ
وَشَعْبٌ مِثْلُ جُبْرَانَ العُوَاجِي